قصص من التاريخ .. الحجاج وهند بنت النعمان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا أول موضــوع لي في هذا المجلس للتاريخ والتراث .. وهو موضوع متجدد
أمنياتي للجميــع بالمتعــة والفائدة .. :)
::
وصف للحجاج حُسن هند بنت النعمان فبعث إليها يخطبها وأجزل لها مالا كثيرا وتزوج بها
وشرط لها عليه بعد الصداق مائتي ألف درهم ..
ثم دخل عليها في بعض الأيام وهي تنظر في المرآة وتقول :
وما هند إلا مهـــرة عربية سليــلــة أفراس تحلــلها بغــل
فإن ولدت فحلا فلله درها وإن ولدت بغلا فقد جاء به البغل
فانصرف الحجاج راجعا ولم يدخل عليها ولم تكن علمت به فأراد الحجاج طلاقها
وأنفذ إليها عبد الله بن طاهر وأنفذ لها معه مائتي ألف درهم وهي التي كانت عليه
وقال : يا ابن طاهر طلقها بكلمتين ولا تزد عليهما . فدخل عبد الله بن طاهر عليها
فقال يقول لك أبو محمد الحجاج : (كنت فبنت )وهذه المائتا ألف درهم التي كانت لك قبله
فقالت اعلم يا ابن طاهر إنا والله كنا فما حمدنا وبنا فما ندمنا وهذه المائتا ألف درهم التي جئت بها بشارة لك بخلاصي من كلب ثقيف .
فبلغ بعد ذلك عبد الملك بن مروان خبرها ووصف له جمالها فأرسل إليها يطلبها فأرسلت إليه كتابا تقول فيه بعد الثناء
اعلم يا أمير المؤمنين أن الإناء ولغ فيه الكلب فلما قرأ عبد الملك الكتاب ضحك من قولها وكتب إليها يقول:
(( إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعا إحداهن بالتراب فاغسلي الإناء يحل الا ستعمال ))
فلما قرأت كتاب عبد الملك لم يمكنها المخالفة فكتبت إليه بعد الثناء عليه : يا أمير المؤمنين والله لا أحل العقد إلا بشرط
فإن قلت ما هو الشرط قلت أن يقود الحجاج محملي من المعرة إلى بلدك التي أنت فيها ويكون ماشيا حافيا بحليته
التي كان فيها أولا . فلما قرا عبد الملك الكتاب ضحك ضحكا شديدا و أنفذ إلى الحجاج يأمره بذلك .
فلما قرأ الحجاج رسالة عبد الملك أجاب وامتثل الأمر ولم يخالف وأرسل إلى هند يأمرها بالاستعداد والتجهز فتجهزت وسار الحجاج في موكبه حتى وصل إلى المعرة بلد هند فركبت هند في محمل الزفاف وركب حولها جواريها وخدمها وأخذ الحجاج زمام البعير يقوده ويسير بها .
فجعلت هند تتواغد عليه وتضحك مع الهيفاء دايتها ( خادمتها ) ثم قالت للهيفاء : يا داية
اكشفي ستر المحمل فكشفته فوقع وجهها في وجه الحجاج فضحكت عليه فأنشد يقول :
فإن تضحكي مني فيا طول ليلة تركتك فيها كالقباء المفرج
فأجابته هند تقول :
ومانبالي إذا أرواحنا سـلمت بما فقدناه من مـال ومن نشـب
فالمال مكتسب والعز مرتجع إذا النفوس وقاها الله من عطب
ولم تزل كذلك تضحك وتلعب إلى أن إقتربت من بلد عبد الملك بن مروان فرمت بدينار على الأرض ونادت ياجمال إنه قد سقط منا درهم فارفعه إلينا فنظر الحجاج إلى الأرض فلم يجد إلا دينارا فقال إنما هو دينار فقالت بل هو درهم
قال بل دينار فقالت الحمد لله سقط منا درهم فعوضنا الله دينارا . فخجل الحجاج ولم يرد جوابا .
ثم دخل بها على عبد الملك بن مروان فتزوج بها .
يتبــع ..
حياكم الله .. شرفتوني بالحضور ..
قال الملك عمرو بن هند ذات يوم لجلسائه :
هل تعلمون أن أحدا من أهل مملكتي يأنف أن تخدم أمه أمي.؟
فقالوا:
لا ما خلا عمرو بن كلثوم فإن امه ليلى بنت المهلهل أخي كليب، وعمها كليب ، وهو وائل بن ربيعه ملك العرب وزوجها كلثوم. فسكت عمرو على ما في نفسه .
ثم بعث عمرو بن هند الى عمرو بن كلثوم يستزيره وان تزور ليلى هنداً.
فقدم عمرو في فرسان تغلب ، ومعه أمه ليلى ، فنزل شاطيء الفرات وبلغ عمرو بن هند قدومه.
فأمر بخيمه فضربت بين الحيره والفرات وأرسل الى وجوه مملكته فصنع لهم طعاما ثم دعا الناس إليه فقرب إليهم الطعام على باب السرادق
وهو وعمرو بن كلثوم وخواص من الناس في السرادق ، ولأمه هند في جانب السرادق قبة وأم عمرو بن كلثوم معها في القبة.
وقد قال عمرو بن هند لأمه:
إذا فرغ الناس من الطعام فلم يبق الا الطُرَف فنحّي خدمك عنك، فإذا دعوت بالطرف ، فاستخدمي ليلى ومريها فلتناولك الشيء بعد الشيء.
يريد طرف الفواكه وغير ذلك من الطعام.
ففعلت هند ما أمرها ابنها حتى إذا دعا بالطرف قالت هند لليلى:
- ناوليني ذلك الطبق.
قالت:
- لتقم صاحبة الحاجة إلى حاجتها.
فقالت:
- ناوليني.
وألحت عليها . فقالت ليلى :
- واذلاه .... يا لتغلب.
فسمعها إبنها عمرو بن كلثوم فثار الدم في وجهه والقوم يشربون. ونظر عمرو بن هند الى عمرو بن كلثوم ، فعرف الشر في وجهه ، وقد سمع قول أمه : واذلاه يا لتغلب ، ونظر إلى سيف عمرو بن هند ، وهو معلق بالسُّرادق ولم يكن بالسرادق سيفٍ غيره فثار الى السيف مصلتا فضرب به رأس عمرو بن هند فقتله ثم خرج فنادى :
- يا لتغلب.
فانتهبوا ماله وخيله وسبوا النساء ولحقوا بالجزيره.
وقد كان المهلهل بن ربيعة وكلثوم بن عتاب ابو عمرو بن كلثوم أجتمعوا في بيت كلثوم على شراب ، قال وعمرو يومئذ غلام وليلى أم عمرو تسقيهم فبدأت بأبيها مهلهل ثم سقت زوجها كلثوم بن عتاب ثم ردت الكأس على أبيها وابنها عمرو عن يمينها فغضب عمرو من صنيعها وقال:
صنبت الكأس عنا أم عمرو ... و كان الكأسُ مجراها اليمينا
و ما شرُ الثلاثة أم عمروٍ ...... بصاحبك الذي لا تصبحينا
فلطمه أبوه وقال:
يا لكع ( اي يا احمق ) ، بلى والله شر الثلاثة . أتجتري أن تتكلم بهذا الكلام بين يديّ. فلما قتل عمرو بن هند قالت له أمه :
( بأبي أنت وأمي ، أنت والله خيرُ الثلاثة اليوم ) .
فقال عمرو بن كلثوم معلقته الذي يصف فيها مقتل الملك اللخمي ملك الحيرة والعرب عمرو بن هند:
ومنها :
ألا لا يجهلن أحدٌ علينا ... فنجهل فوق جهل الجاهلينا
بأي مشيئةٍ عمر بن هندٍ ...... نكونُ لقيلكم فيها قطينا
بأي مشيئةٍ عمر بن هندٍ .... تُطيعُ بنا الوُشاة و تزدرينا
تهددُنا و أوعدنا رُويداً ......... متى كُنا لأمك مُقتوينا
فإن قناتنا يا عمرُو أعيت ... على الأعداء قبلك أن تلينا
إذا عض الثقاف بها اشمأزت ... وولتهُ عشوزنةً زبُونا
عشوزنةً إذا انقلبت أرنت ... تشجُ قفا المُثقف و الجبينا
يتبــع ..
حياكم الله أم مالكـ .. ونجم سهيل وشكرا على الإضافة الجميلة
يحكى انه في القرن الاول الهجري كان هناك شابا تقيا يطلب العلم ومتفرغ له ولكنه كان فقيرا وفي يوم من الايام خرج من بيته من شدة الجوع ولانه لم يجد ما يأكله فانتهى به الطريق الى احد البساتين والتي كانت مملؤة باشجار التفاح وكان احد اغصان شجرة منها متدليا في الطريق ...
فحدثته نفسه ان ياكل هذه التفاحة ويسد بها رمقه ولا احد يراه ولن ينقص هذا البستان بسبب تفاحة واحده ...
فقطف تفاحة واحدة وجلس ياكلها حتى ذهب جوعه ولما رجع الى بيته بدات نفسه تلومه وهذا هو حال المؤمن دائما جلس يفكر ويقول كيف اكلت هذه التفاحة وهي مال لمسلم ولم استأذن منه ولم استسمحه فذهب يبحث عن صاحب البستان حتى وجده فقال له الشاب يا عم بالامس بلغ بي الجوع مبلغا عظيما وأكلت تفاحة من بستانك من دون علمك وهئنذا اليوم أستأذنك فيها..،
فقال له صاحب البستان .. والله لا أسامحك بل انا خصيمك يوم القيامة عند الله
بدأ الشاب المؤمن يبكي ويتوسل اليه ان يسامحه وقال له انا مستعد ان أعمل أي شئ بشرط أن تسامحني وتحللني وبدا يتوسل الى صاحب البستا ن وصاحب البستان لا يزداد الا إصرارا وذهب وتركه والشاب يلحقه ويتوسل إليه حتى دخل بيته وبقي الشاب عند البيت ينتظر خروجه الى صلاة العصر...
فلما خرج صاحب البستان وجد الشاب لا زال واقفا ودموعه التي تحدرت على لحيته فزادت وجهه نورا غير نور الطاعة والعلم فقال الشاب لصاحب البستان يا عم انني مستعد للعمل فلاحا في هذا البستان من دون اجر باقي عمري او اي امر تريد ولكن بشرط ان تسامحني..،
عندها... اطرق صاحب البستان يفكر ثم قال يا بني انني مستعد ان اسامحك الان لكن بشرط
فرح الشاب وتهلل وجهه بالفرح وقال اشترط ما بدى لك ياعم
فقال صاحب البستان شرطي هو ان تتزوج ابنتي !ا
صدم الشاب من هذا الجواب وذهل ولم يستوعب بعد هذا الشرط ثم اكمل صاحب البستان قوله ...
ولكن يا بني اعلم اني إبنتي عمياء وصماء وبكماء وايضا مقعدة لا تمشي ومنذ زمن وانا ابحث لها عن زوج استأمنه عليها ويقبل بها بجميع مواصفاتها التي ذكرتها فان وافقت عليها سامحتك
صدم الشاب مرة اخرى بهذه المصيبة الثانية
وبدأيفكر كيف يعيش مع هذه العلة خصوصا انه لازال في مقتبل العمر؟
وكيف تقوم بشؤنه وترعى بيته وتهتم به وهي بهذه العاهات ؟
بدأ يحسبها ويقول اصبر عليها في الدنيا ولكن انجو من ورطة التفاحة !!ا
ثم توجه الى صاحب البستان وقال له يا عم لقد قبلت ابنتك واسال الله ان يجازيني على نيتي وان يعوضني خيرا مما اصابني
فقال صاحب البستان .... حسناا يا بني موعدك الخميس القادم عندي في البيت لوليمة زواجك وانا اتكفل لك بمهرها
فلما كان يوم الخميس جاء هذا الشاب متثاقل الخطى... حزين الفؤاد... منكسر الخاطر... ليس كأي زوج ذاهب الى يوم عرسه فلما طرق الباب فتح له ابوها وادخله البيت وبعد ان تجاذبا اطراف الحديث قال له يا بني...
تفضل يالدخول على زوجتك وبارك الله لكما وعليكما وجمع بينكما على خير واخذه بيده وذهب به الى الغرفة التي تجلس فيها ابنته فلما فتح الباب ورآها ....
فاذا فتاة بيضاء اجمل من القمر قد انسدل شعركالحرير على كتفيها فقامت ومشت اليه فاذا هي ممشوقة القوام وسلمت عليه وقالت السلام عليك يا زوجي ....
اما صاحبنا فهو قد وقف في مكانه يتأملها وكأنه امام حورية من حوريات الجنة نزلت الى الارض وهو لا يصدق ما يرى ولا يعلم مالذي حدث ولماذا قال ابوها ذلك الكلام ...
ففهمت ما يدور في باله فذهبت اليه وصافحته وقبلت يده وقالت انني عمياء من النظر الى الحرام وبكماء من النظر الى الحرام وصماء من الاستماع الى الحرام ولا تخطو رجلاي خطوة الى الحرام ....
وانني وحيدة ابي ومنذعدة سنوات وابي يبحث لي عن زوج صالح فلما اتيته تستاذنه في تفاحة وتبكي من اجلها قال ابي ان من يخاف من اكل تفاحة لا تحل له حري به ان يخاف الله في ابنتي فهنيئا لي بك زوجا وهنيئا لابي بنسبك
وبعد عام انجبت هذا الفتاة من هذا الشاب غلاما كان من القلائل الذين مروا على هذه الأمة.
أتدرون من ذلك الغلام ؟؟؟
انه الامام ابو حنيفة صاحب المذهب الفقهي المشهور..