• ◘ التاريخية

    وَأَذِّنْ معارض وحضور
  • برنامج جذور

  • قصص الأنبياء: نبي الله إبراهيم عليه السلام (6)

    الرياض، محمد بن سعد (درة) نبي الله إبراهيم عليه السلام،، الخليل، (خليل الله) - (أبو الأنبياء)، عاش 200 عام، ولد 1263 سنة بعد الطوفان، ودفن في الخليل (فلسطين)، وفيها قبر زوجته الأولى سارة، فضله الله سبحانه وتعالى على كثير من خلقه، واصطفاه برسالته، وهو أحد أولي العزم الخمسة الذين اخذ الله منهم ميثاقا غليظا، وهم (نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد)، حسب ترتيب بعثهم.



    إبراهيم عليه السلام، العبد الذي وفّى، إماما للناس، جاء ربه بقلب سليم، وجعل في ذريته النبوة والكتاب وهو من قال: أسلمت لرب العالمين، فهو أول من سمانا المسلمين، وجميع الأنبياء من بعده من نسله - حتى محمد - صلى الله عليه وسلم جاء تحقيقا لدعوة إبراهيم - دعوة دعا الله فيها أن يبعث في (الأميين) رسولا منهم كرمه الله بـ(ملة إبراهيم) التوحيد الخالص

    حبه لله عز وجل (وَاتَّخَذَ اللّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً)، (الخُلَّة): شدة المحبة، إبراهيم حبيبا، يصور القرآن طبيعة فئات الناس أيام إبراهيم: (فئة تعبد الأصنام والتماثيل الخشبية والحجرية)، و (فئة تعبد الكواكب والنجوم والشمس والقمر)، و(فئة تعبد الملوك والحكام).. إلا أن أكثرية القوم اشتهروا بعبادة الكواكب.

    ولد سيدن إبراهيم عليه السلام في أسرة لم يكن ربها (آزر) كافرا فقط، بل كان متميزا بصناعة (الأصنام) والأوثان، قيل أن أباه مات قبل ولادته وأن (آزار) كان عمه - عمه الذي رباه - وكان بمثابة الأب لإبراهيم، وقيل أن (آزر) لم يمت، وكان هو والده الحقيقي، أيضا قيل أن آزر اسم صنم اشتهر أبوه بصناعته.

    كان آزر أعظم نحات لصناعة الأصنام - مهنة مقدسة بين قومه، تجعل أسرته ذات رفعة مرموقة - ومع هذا، قدر أن يقف إبراهيم عليه السلام ضد كل مبادئ هذه الأسرة ونظامها الاجتماعي، ضد ظنون (الكهنة) و(العروش) و(عبدة النجوم والكواكب)، وكبر إبراهيم على كراهية التماثيل التي يصنعها (آزر)، كرِه سجود الخالق للمخلوق وأن التماثيل لا تضر ولا تنفع.

    قرر إبراهيم عليه السلام (أولاً) مواجهة عبدة النجوم من قومه قأعلن عند رؤية أحد الكواكب أن أحد الكوكب ربه، فاطمأن قومه له ضناً منهم أنه يرفض عبادة التماثيل (فقط)، كان طبيعي أن يتنقل المرء بين هذه الثلاث فئات من العبادة آنذك، ولكن، أعلن عندما أفل ذلك الكوكب الذي التحق بديانته بالأمس بأنه لا يحب الآفلين، فعاد إبراهيم في الليلة الثانية فأعلن لقومه ساخرا منهم أن القمر ربه - رأفة بحالهم - قلل من قيمة العقيدة القمرية، عندما أفل القمر قال إبراهيم: الآية: {لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ}.



    عاود إبراهيم الكرّة لإقامة الحجة على هذه الفئة فأعلن أن الشمس ربه - كونها أكبر - ونهاية الجولة - وتبرأ منها بعد غروبها كونها مخلوق آفل، ثم وجّه وجهه للذي فطر السماوات والأرض، عندها، ناقش القوم هذه الحجة التي تبناها إبراهيم، صراع وجدال والتخويف كان الردّ عليهم: في الآية {أَتُحَاجُّونِّي فِي اللّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلاَ أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلاَّ أَن يَشَاء رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ * وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلاَ تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} الأنعام.

    بعدها بدأ إبراهيم حجته كانت أشد ضد عبادة الأصنام - مهنته أبيه (آزر) وسرّ مكانته وتصديق عبادة يتبعها الأغلبية - كان الأب أشدهم ذهولا وغضبا اشتبك الصراع بين الأب وابنه، خرج إبراهيم على قومه بدعوته، الآية: {إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ * قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءنَا لَهَا عَابِدِينَ * قَالَ لَقَدْ كُنتُمْ أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ * قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ * قَالَ بَل رَّبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلَى ذَلِكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ} الأنبياء.

    قال الأب: مصيبتي فيك يا إبراهيم لقد خذلتني وأسأت إلي، قال إبراهيم: الآية {يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنكَ شَيْئًا * يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا * يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا * يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَن فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا} مريم.

    غضب الأب وقال ثائرا: إذا لم تتوقف عن دعوتك فسوف أرجمك وسأقتلك رجما، هذا جزاء من يقف ضد الآلهة، اخرج من بيتي، صراع أسفر بطرد إبراهيم وتهديده بالقتل، ولكن إبراهيم كابن بار ونبي كريم خاطب أباه بأدب الأنبياء، فقال: الآية {قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا * وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاء رَبِّي شَقِيًّا} مريم.

    هجر إبراهيم قومه وما يعبدون وعرف بحفل يقام على ضفة النهر الأخرى، فانتظر حتى وقت الاحتفال حتى خلت مدينته له، فرجع بحذر وقصد المعبد الخالي ومعه فأس، نظر إلى آلهة من صخر وخشب ونذور الطعام أمامها والهدايا، فاقترب إبراهيم من التماثيل وسألهم: بسخرية، الآية {أَلَا تَأْكُلُونَ}، وهو يسأل التماثيل، الآية: {مَا لَكُمْ لَا تَنطِقُونَ}، عندها، هوى إبراهيم بفأسه عليهم، وحول المعبد إلى ركام وهشيم، وترك كبير الأصنام، الآية: {لَّهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ} !! كبيرهم كان حاضر لم يدافع عن صغاره !! قد ترجح عقولهم المنطق ويعودوا إلى صوابهم !! ولكن الخرافة عطّلت عقولهم عن أي تفكير أو تأمل، بل حصل العكس! الآية {قَالُوا مَن فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ}، تذكروا أن إبراهيم ينكر عبادتهم ويكيد لأوثانهم !!

    عندها،، أحضروا إبراهيم تجمّع الناس، كان النقاش: الآية{أَأَنتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ}، فقال: الآية: {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ}، تهكم واضح بجواب ساخر هزهم وجعلهم يفكرون، الآية: {فَرَجَعُوا إِلَى أَنفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنتُمُ الظَّالِمُونَ} الأنبياء، بادرة استشعار، وموقف ضعيف وتفتح بصيرتهم، كانت ومضة، عقبها ظلم وظلام، الآية: {ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُؤُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاء يَنطِقُونَ}، الأنبياء.

    رجعة إلى النفوس تبعتها نكسة الرؤوس من النظر والتفكر والتدبر إلى عدمه !! فيواجههم بعنف ويضيق عليهم على غير عادة الصبر والحلم: الآية: {قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ * أُفٍّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ}، الأنبياء.

    بعد فقدان الحجة، أخذتهم العزة بالإثم، الآية {قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ}، الأنبياء، انتشر نبأ الاستعداد لإحراق إبراهيم في المملكة كلها وجاء الناس من كل مكان ليشهدوا عقاب سخر بالآلهة

    حفر القوم الأرض لإضرام النار، بالحطب والخشب، وأحضروا آلة المنجنيق التي تقذف إبراهيم إلى النار، قيدوا إبراهيم عليها، وأصدر كبير الكهنة أمره بقذف إبراهيم في النار، و (جاء جبريل) عليه السلام، فوقف عند رأس إبراهيم وسأله: يا إبراهيم، ألك حاجة ؟ قال إبراهيم: أما إليك فلا،،

    ألقي إبراهيم في النار، لكن لم تكن النار طبيعية، فلقد أصدر الله جل جلاله إلى النار أمره بأن تكون، الآية: {بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ}، أحرقت النار قيود نبي الله إبراهيم، وبدا جالس وسطها وكأنما هو في حديقة، كان يسبّح بحمد ربه، لم يكن في قلبه مكان للخوف، و تلاشت الرهبة، وتحولت النار إلى سلام بارد، وشاهد الكهنة والناس النار وحرارتها القوية رغم بعد المسافة، ظلت النار تشتعل فترة طويلة، وعندما انطفأت، فوجئ الناس بإبراهيم يخرج من حفرة النار سليما، حتى ثيابه لم تحترق، وليس عليه أثر دخان أو حريق، و تصاعدت صيحات الدهشة، وخسر القوم خسارة ساخرة، الآية: {وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ} الأنبياء.

    ]مراجعة فئات العبودية، هنا،، كان إبراهيم شابا، بدليل قول قومه عنه: الآية: {سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ} تطلق كلمة (الفتى) على سن يسبق العشرين، ماذا عن الفئة الثالثة: عبدة الملوك، ومواجهتهم: لم يحدد القرآن زمن اصطفاء إبراهيم، لذا نأخذ ألرأي!!
    إبراهيم أقام الحجة على عبدة التماثيل والنجوم والكواكب !!

    ذهب إبراهيم عليه السلام لملك متألّه في زمانه لم يذكر القرآن اسم الملك، وروي بأنه (النمرود) ملك الآراميين بالعراق، حجة إبراهيم الأولى على الملك: فقال إبراهيم بهدوء: الآية: {رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ}، قال الملك: {أَنَا أُحْيِـي وَأُمِيتُ}، أحضر رجلا وأقتله !! أو أستطيع أن أعفو عن محكوم عليه بالإعدام !! هذا يعني قدرتي على موت الأول وإحياء الآخر !!

    لم يجادل إبراهيم الملك لسذاجة قوله !! فقال إبراهيم: الآية: {فَإِنَّ اللّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ}، سمع الملك تحدي إبراهيم فبهت، عجز عن مجاراته !! قوانين خلقها الله لا يستطيع المخلوق تقليبها أحس الملك بالعجز، ولكن أخرسه التحدي، انصرف إبراهيم من قصر الملك (بهت الذي كفر) !! تناقل الناس حدث شهرة إبراهيم في المملكة وتذكر الناس معجزته ونجاته من النار

    استمر إبراهيم في دعوته بالإقناع، ولكن !! لم يؤمن معه سوى (امرأة) و(رجل) فقط !! امرأة تسمى سارة، صارت فيما بعد زوجته والرجل يسمى لوط - صار نبيا قرر إبراهيم الهجرة حين لم يؤمن غيرهما بدعوته، قبل هجرته، دعا أباه للإيمان، فتبين له أنه عدو لله، فتبرأ منه عكس قصة نوح، كان الأب نبيا والابن كافرا !! يعلن في القصتين المؤمن براءته من عدو الله رغم قرابته علاقة الروابط البشرية هي علاقة الإيمان لا علاقة الميلاد والدم

    هاجر إبراهيم من بلده، إلى مدينة (أور) ثم سافر إلى مدينة (حاران) ثم رحل إلى (فلسطين) ومعه زوجته سارة، الوحيدة التي آمنت برسالته، صحب معه لوطا الرجل الوحيد الذي آمن برسالته، ذهب إبراهيم إلى (مصر) يدعو الناس إلى عبادة الله، يحارب في سبيله ويخدم الضعفاء ويعدل بين الناس، قصة أخرى لإبراهيم وزوجته سارة وموقف ملك مصر: جاء ملك مصر خبر وصول رجل معه أجمل امرأة طمع فيها الملك فأرسل جنوده ليحضروها أمرهم بأن يسألوا عن الرجل الذي معها إن كان زوجها فليقتلوه، فجاء الوحي لإبراهيم بذلك فقال إبراهيم لسارة إن سألوك عني فأنت أختي أي (في الله) وقال لها ما على هذه الأرض مؤمن سوانا فكل أهل مصر كفرة، ليس فيها موحد لله عز وجل فجاء الجنود وسألوه، ما تكون هذه منك؟ قال: أختي.

    ...... من الكلمات التي تحتمل التأويل!! قول إبراهيم لقومه (إني سقيم) و(بل فعله كبيرهم هذا فاسألوه) و(هي أختي) كان إبراهيم خائفا جدا من حسابه على هذه الكلمات يوم القيامة عندما يذهب البشر له يوم القيامة ليدعوا الله أن يبدأ الحساب يقول لهم لا إني كذبت على ربي ثلاث مرات ...... بشر يكذبون اليوم دون حياء أو خوف.

    عرفت سارة أن ملك مصر فاجر يريدها له أخذت تدعوا الله قائلة: اللهم إن كنت تعلم أني آمنت بك وبرسولك وأحصنت فرجي إلا على زوجي فلا تسلط علي الكافر، فلما أدخلوها على الملك، مد الملك يده إليها ليلمسها، فشلّ وتجمدت يده، وبدأ الملك يصرخ لعدم قدرته في تحريك يده وجاء أعوانه لمساعدته، لكنهم لم يستطيعوا فعل شيء !! فخافت سارة على نفسها أن يقتلوها لما حلّ بالملك فقالت: يا رب اتركه، لا يقتلوني به، فاستجاب لها الله، لكن الملك لم يتوب، ظن أن ما حدث كان أمرا عابرا، فهجم عليها مرة أخرى، فشلّ مرة ثانية، فقال: فكيني، فدعت الله تعالى فَفَكّه، فمد يده ثالثة فشلّ !! فقال: فكيني وأطلقك وأكرمك، فدعت الله فَفُك !!
    فصرخ الملك بأعوانه: أبعدوها عني فإنكم لم تأتوني بإنسان بل أتيتموني بشيطان أطلقها الملك، وأعطاها من الذهب أوَمَةً اسمها "هاجر" !!

    رواية دخول إبراهيم عليه السلام إلى مصر، كانت زوجته سارة لا تلد، وملك مصر أهداها سيدة مصرية، كان إبراهيم قد صار شيخا، ابيضّ الشعر، وهي لا تنجب، فكرت سارة بــ(إنها) و(إبراهيم) وحيدان !! ماذا لو قدمت له (هاجر) المصرية لتكون له زوجة ؟ فزوجت سارة سيدنا إبراهيم من هاجر، ولدت هاجر ابنها الأول "إسماعيل"

    ملأ قلب إبراهيم بالسلام والحب واليقين وأراد أن يرى، كيف يحيي الله الموتى رغبة في الطمأنينة، في قوله: الآية: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَـكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي}، والآية: {قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}،،

    فعل إبراهيم ذلك، ذبح الطيور وفرق أجزاءها على الجبال، وودعاها باسم الله فنهض الريش يلحق بجناحه وبحثت الصدور عن رؤوسها، وتطايرت أجزاء الطير مندفعة نحو الالتحام، والتقت الضلوع بالقلوب، وسارعت الأجزاء الذبيحة للالتئام، ودبت الحياة فيها، وجاءت مسرعة ترتمي في أحضان إبراهيم، تجربة حب استطلاع نتيجة فعل الخالق لا الأسلوب !!

    سيدنا إبراهيم عليه أفضل الصلاة والسلام، قدّم نفسه للنيران، وقدم طعامه للضيفان، وقدم ولده للقربان، فمدحه الرحمن "وابراهيم الذي وفى.. وهمته في رفع القواعد، لم يطلب من يعينه، وإذا كانت النفوس كباراً تعبت في مرادها الأجسام، كل ما علينا أن نبدأ بما عندنا من أسباب، ورب الأسباب سوف يسبب الأسباب هذه همة اليقين !!

    فلقد مُنِع النمرود عن سيدنا ابراهيم الطعام والشراب، ولقد منع النمرود الناس أن يتعاملوا معه ببيع أو شراء، فخرج لإحضار طعام لزوجته سارة، فلم يبيعه أحد أي شيء، فوضع رملاً في كيس كي لا يفجعها بدخوله عليها بدون شيء، وعاد (عليه السلام) للبيت متعباً، فوضع الكيس ونام، فأيقظته زوجته سارة: قم إلى الطعام، فتعجب عليه السلام : من أين ؟ !! !! !! قالت: من الدقيق الذي في الكيس !!! فالنمرود يمنع ولكن رب السماء لا يمنع ".. وفي السماء رزقكم…"

    نبي الله إبراهيم عليه السلام - خليل الله - استيقظ إبراهيم يوما، وأمر زوجته هاجر أن تحمل ابنها وتستعد لرحلة طويلة، بعد أيام بدأت رحلة إبراهيم، رحلة مع زوجته هاجر وابنهما إسماعيل - عليهم السلام- الرضيع، سار إبراهيم من أرض مزروعة إلى صحراء تلتها جبال، حتى دخل إلى صحراء الجزيرة العربية قصد منها واديا، ليس فيه زرع ولا ثمر ولا شجر ولا طعام ولا مياه !! هبط من دابته، وأنزل زوجته وابنه وجراب طعام وماء قليل، ثم استدار عليه السلام وتركهما، فأسرعت خلفه زوجته تقول: أتتركنا بوادي ليس فيه شيء؟ فلم يرد عليها سيدنا إبراهيم، بل واصل سيره، عادت تقول له ما قالته وهو صامت!! فهمت أنه لا يفعل ذلك من نفسه.



    أدركت هاجر أن الله أمره بذلك وسألته: هل الله أمرك بهذا؟ قال إبراهيم عليه السلام: نعم، قالت: لن نضيع ما دام الله معنا وهو الذي أمرك بهذا ! سار إبراهيم وتوارى بين الجبال ثم وقف ورفع يديه يدعو الله: الآية: {رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ}، لم يكن بيت الله قد (أعيد) بناؤه، حكمة عليا وغموض إسماعيل طفل مع أمه سيصير مسئولا مع والده عن (بناء) الكعبة حكمة أن يمتد العمران إلى هذا الوادي وأن يقام فيه بيت الله، أرضعت هاجر ابنها إسماعيل، أحست بالعطش تحت توهج الشمس ملتهبة وساخنة تزيد العطش، بعد يومين انتهى الماء، وجف لبن الأم وانتهى الطعام.

    تزايد العطش وبدأ إسماعيل يبكي فتركته أمه وانطلقت تبحث عن ماء مشت مسرعة إلى جبل "الصفا" فصعدت إليه وراحت تبحث عن أي شيء دون جدوى، سعت مسرعة من الصفا متجاوزة الوادي إلى جبل "المروة"، صعدت إليه باحثة عن أي استدلال دون جدوى، وعادت الأم إلى طفلها الباكي الذي اشتد عطشه، وأسرعت إلى الصفا ثانية ومنه هرولت إلى المروة، سعت سبع مرات بين الجبلين الصغيرين ذهابا وإياباً - منها جاءت سنة السعي لأم إسماعيل هاجر - عادت بعد المرة السابعة وهي مجهدة متعبة تلهث وجلست بجوار صوت ابنها الذي كان قد بح عطشاً.



    لحظة رحمة الله تطفئ اليائس من ركلة قدم الرضيع معجزة بداية تدفق ماء زمزم غرفت هاجر منه لرضيعها وأطفأت لهث العطش، تارة تزمه وأخرى لترتوي منه وتارة تزمه حفاظا عليه: (لن نضيع ما دام الله معنا)، رفرفت الطيور وغردت في سماء الوادي القاحل طيور جلبها خرير ماء زمزم جلبت الناس حولهما، بدأت الحياة تدِب والقوافل تستقر، وبدأت حركة العمران.

    تعلق قلب إبراهيم بإسماعيل وابتلى الله هذا الحب وعاطفة الأبوة برؤيا إبراهيم في المنام أنه يذبح ابنه إسماعيل !!

    شيخ قد لا ينجب، وكيف يرقد ابنه على الأرض ليذبحه: الآية: {قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى}، فماذا كان رد إسماعيل؟ ربما حب الابن لتنفيذ أمر الله: الآية: {يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ}، هنا نجد إسماعيل ينافس أباه إبراهيم في حب الله، ومنها ينكب إسماعيل بوجهه على الأرض كي لا يرى نفسه وهو يذبح، ويرفع إبراهيم يده بالسكين تنفيذا لأمر الله وطاعته تعبير القرآن، الآية: {فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ}، إسلام حقيقي - لحظة السكين !!

    نهاية الامتحان، ينادي الله إبراهيم، الآية: {وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ}، صار ذلك (اليوم) عيدا لقوم لم يولدوا بعد، قوم هم المسلمون، ترك إبراهيم إسماعيل للمرة الثانية وعاد داعيا لله، خليلا له وحده هاجر من أرض الكلدانيين مسقط رأسه بالعراق وعبر الأردن، وسكن بادية أرض الكنعانيين، كان خلال دعوته يسأل عن أخبار لوط، أول من آمن مع إبراهيم من الرجال أثابه الله بأن بعثه نبيا.



    في لحظة كان إبراهيم لوحده هبطت أقدام ثلاثة من الملائكة: (جبريل) و(إسرافيل) و(ميكائيل) صامتين ومهمتهم مزدوجة، هبطوا على هيئة بشر جميلي المظهر مبشرين إبراهيم، ومستهدفين قوم لوط بالعذاب - سار الملائكة نحو إبراهيم - ألقى أحدهم حصاة أمامه، رفع إبراهيم رأسه إليهم، لم يعرف وجوههم، بادروه بالتحية فنهض ورحب بهم وأدخلهم بيته كضيوف غرباء أجلسهم واطمأن أنهم قد اطمأنوا، ثم راغ إلى أهله ! نهضت زوجته سارة - عجوزا ابيض شعرها، ولم يعد يتوهج فيها سوى وميض الإيمان من عينيها، قال لها إبراهيم زارنا ثلاثة غرباء، فسألته: من هم ؟ قال: لا أعرف، وجوه غريبة، ملابسهم لا تدل على السفر، سألها عن طعام، فقالت: نصف شاة، فأمر بذبح عجلا سمينا، كونهم ضيوف غرباء، ليس معهم دواب أو أحمال أو طعام، كان عليه السلام كريما يعرف أن الله لا يتخلى عن الكرماء، بدأ شواء العجل على حجارة ساخنة وتم أعداد المائدة، وأشار إبراهيم لضيوفه بيده أن يتفضلوا باسم الله !! بدأ يأكل ليشجعهم، لكن ضيوفه لم يمدوا أيديهم للطعام، قرب إليهم الطعام وقال: ألا تأكلون؟ فوجدهم لا يأكلون، رأى أيديهم لا تصل إلى الطعام، الآية: {أَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً}، امتناع الضيف عن الأكل يعني الشر بالمضيف !! أكثر من مؤشر يؤيد غرابة ضيوفه، دخولهم المفاجئ، لم يرى قدومهم أفقياً، لم يكن معهم دواب أو أمتعة، وجوه غريبة لا تدل على عناء سفر ومائدة لا يأكلون منها !!

    قال له أحد الملائكة: الآية: {لاَ تَخَفْ}، رفع إبراهيم رأسه، واعترف على خيفته، ابتسم أحد الملائكة وقال: نحن لا نأكل يا إبراهيم، نحن ملائكة الله، وقد: الآية: {أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ}، ضحكت زوجة إبراهيم، كانت تتابع حوار زوجها، التفت إليها أحد الملائكة وبشرها بإسحاق، صكت وجهها، قَالَت: الآية: {يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَـذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَـذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ} هود. عاد أحد الملائكة يقول لها: الآية: {وَمِن وَرَاء إِسْحَقَ يَعْقُوبَ}.



    جاشت مشاعر إبراهيم وزوجته وتلطف الجو في المكان، واحتل قلبه فرح مختلط زوجته عاقر تقف وترتجف، الآية: {أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَن مَّسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ} الحجر، هل كان يريد أن سماع البشارة ثانية أم بأنهم بشروه بالحق، الآية: {قَالُواْ بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلاَ تَكُن مِّنَ الْقَانِطِينَ} الحجر،، والآية: {قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّونَ} الحجر.

    ليست البشرى بإسحاق ويعقوب بسيطة عليهما حنين سارة للأمومة لم تطفئ الأيام توهجه، خرّ إبراهيم ساجدا ونهض وتذكر أن الملائكة أرسلوا،، إلى قوم لوط،، فبدأ يجادلهم فيما لو رجعوا وأسلموا، أفهمه بمهمتهم،، بإرسال حجارة من طين مسومة، عاد يحدثهم عن المؤمنين منهم قالت الملائكة، نحن أعلم بمن فيها وأفهموه إن الله قد أمر بهلاك قوم لوط، القرار، الآية: {عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ}، لن يرده جدال إبراهيم، توجهت الملائكة لقوم لوط عليه السلام



    قصة بناء بيت الله تعالى
    هي ضمن قصة أبنه
    إسماعيل عليه السلام

    هذه المقالة نشرت أصلا في موضوع المنتدى : إبراهيم عليه السلام كتبت بواسطة محمد بن سعد مشاهدة المشاركة الأصلية
  • ▲ رحال

  • مواقف وعبر ،،،

  • هيئة المتاحف

  • جائزة ومنح تاريخ الجزيرة العربية

  • عناقيد ثقافية

  • مجلة الآثار

  • ۞ ترميم التاريخ

  • ياهلا،، مطاردة ,, لقاء الوليد

  • ۞ أبو بكر يحيى الرازي

  • ياهلا،، مطاردة الهيئة

  • امرؤ القيس وبنات الغدير


تنفيذ شركة تصميم مواقع الانترنت توب لاين
روابط مهمه روابط مهمه تواصل معنا
تواصل معنا