المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المدرب الوطني ثقة مفرطة عند الأزمات فقط



المنتقد
April 30th, 2010, 13:02
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,,

المدرب الوطني ثقة مفرطة عند الأزمات فقط

الرياض: عبدالله البراك

يبدو أن أول المستفيدين من فريق عمل تطوير المنتخبات السعودية، هم المدربون الوطنيون الذين يعانون أزمة ثقة. ففريق العمل الذي يرأسه نائب الرئيس العام لرعاية الشباب الأمير نواف بن فيصل، هو بمثابة المنقذ للمدربين، وذلك عندما خرجت أولى قراراته بعد عدة أشهر من البحث والدراسة، وتقييم لنتائج وأداء المنتخبات الوطنية من قبل فريق العمل ومستشاريه و لجانه الإدارية والفنية، قرارات أصبحت لصالح المدرب الوطني، إذ اعتمد فريق عمل التطوير تعيين المدرب الوطني خالد القروني مدربا للمنتخب السعودي للشباب، خلفا للبرازيلي نونيز، وعمر باخشوين مدربا لمنتخب الناشئين، خلفاً للبرازيلي بواكيم داسيلفا. وهذه القرارات التي صدرت قبل مدة غير بعيدة، أتت بعد طول معاناة وشكوى من المدربين الوطنيين، الذين يرون أنهم كـ"زامر الحي" الذي لا يطرب، وأنهم لا يُلجأ لهم إلا بعد انقطاع السبل، ونفاد الحيلة!.

مدرب الفزعة!

التصقت جملــة من المفـــاهيم بالمــدرب الوطني فمن "مدرب الفزعة"، إلى "مدرب الظروف الصعبة"، و غيرها من المسميات التي اختزنتها الذهنية للمتابع الرياضي السعودي. فبالرغم من وجود أكثر من 900 مدرب وطني حتى الموسم الحالي، إلا أن الاعتماد عليهم كمدربين أساسيين للفرق المحلية، و كذا المنتخبات للألعاب المختلفة الأخرى، مازال ضئيلاً جداً، مقارنة بعددهم الكبير. و اقتصر دورهم لسد فراغ مكان مدرب أجنبي مقال، أو في بداية الموسم لحين وصول المدرب الأجنبي ذي التكاليف الباهظة على الدوام. فيما الفرص المتاحة للمدربين الوطنيين تأتي من الأندية المتوسطة في دوري المحترفين، وأندية الدرجة الأولى، ومع ذلك يقبل هذا المدرب الإشراف على الفريق، والنتيجة في معظم الأحيان تكون سلبية، ليعود بعد ذلك المدرب أدراجه مجددا، لمجرد تعرض فريقه لإخفاق، و إن كان عارضا!

الدراسة أولا

المدرب الوطني عبدا للطيف الحسيني، فتح سيرة مشواره مع التدريب، على أنه يكون لم يلق صعوبات في بدايته مع عالم التدريب، مرجعا ذلك لكونه قد هيأ نفسه قبل الدخول إلى هذه المهنة، قائلا "لم أجد عدم قبول من زملائي المدربين أو اللاعبين، الذين أشرفت عليهم للإعداد السليم، الذي أعددته 100 % من خلال دراسة تخصص التدريبات اللياقية وتعلمها، وبعد ذلك اتجهت لهذه المهنة. فأنا درست ثم بدأت، بعكس غيري الذي دخل المجال بدون تعلم، وكنت محظوظا ولله الحمد بأن أفوز ببطولات مع جميع الفرق التي أعمل، بها سواء مع الرياض أو الشباب أو الهلال أو الاتحاد. فأنا أقنعت المدرب الأجنبي بعملي وإلا لماذا يجاملني! وهذا لن أعممه على زملائي المدربين الوطنيين، فالكثير منهم لم يأخذ فرصته، ومهدد بالاستغناء عنه دون مناقشته، أو الرجوع إليه".

وزاد الحسيني موضحا "جئت من دورة متخصصة في علم اللياقة، عقدت في الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، وتناقشنا حول هذا الموضوع، فكان ردهم كيف يمكن أن تصبحوا مدربين وأنتم لا تمارسون المهنة، وهذا صحيح فإذا لم تعمل فلن يتقدم مستواك. فيوسف خميس، وفيصل البدين، وصالح المطلق، وبندر الجعيثن، وخالد القروني، و يوسف عنبر، ويحيى عامر، ونايف العنزي، مستوياتهم عالية وأخذوا شهادات من الفيفا ولم تتح لهم الفرصة، فما الفائدة إذاً!".
واستشهد الحسيني بحادثة قائلا "جاء مدرب أجنبي إلى السعودية وعمره 18 عاما، فأين الخبرة التي اكتسبها! وجاء ودرب وتدرج من ناد إلى ناد، وكسب المال وذهب وطور نفسه وأصبح مدربا على مستوى عال، والسبب يرجع لنا نحن في الأندية السعودية، فالثقة مفقودة في المدرب المحلي".

لا لـ "مدرب الفزعة"

الحسيني رفض مقولة أنه "مدرب مؤقت"، أو "مدرب لسد فراغ لحين إحضار البديل الأجنبي"، قائلا "أنت لم تستدعِ المدرب الوطني إلا لأجل حل المشكلة التي تركها المدرب الأجنبي، وهذه إشادة بالكفاءة التي يمتلكها المدرب الوطني، وإلا لماذا يتم وضعه في هذا الموقف. وأريد أن أسأل سؤالا يفرض نفسه، لماذا يبدأ رؤساء الأندية بالمدربين الوطنيين في هذا التوقيت فقط، ولم تتم الاستعانة بهم قبل بداية الموسم ويكون قد حضر نفسه وفريقه؟ ولكن أن يأتي به في منتصف الموسم أو نهايته بعد أن دمر المدرب الأجنبي الفريق، وكلف خزينة النادي آلاف الدولارات، فهذا من غير المعقول".

بين الوطني والأجنبي

وعن الفوارق بين المدربين الأجنبي والوطني، قال الحسيني "سبق وأن عملت مع 26 مدربا سعوديا وأجنبيا، من خلال عملي كمدرب لياقة، ووجدت الفوارق بينهم كبيرة جداً، لماذا؟. السبب بسيط، ألا وهو عمل هؤلاء المدربين في بلدانهم قبل مغادرتها للعمل في أي مكان في العالم، لكسبهم للثقة التي أعطيت لهم في بلدانهم، ونحن هنا لا نعمل فأين تأتينا الخبرة! ولو تعطى الفرصة للمدرب المحلي، فإنه سيعمل مثل ما يعمل المدرب الأجنبي. فهناك مدربون محليون كانوا لاعبين سابقين، واكتسبوا الخبرات من خلال لعبهم الطويل في الملاعب، وكذلك من إشراف مدربين أجانب عليهم، وأصحاب عقليات كبيرة، وحينما كانوا لاعبين كان يشار إليهم بالبنان بأنه صاحب فكر عال، وبعد أن اتجه للتدريب وحصل على دورات قلل الجمهور من عمله، فأين الصفات التي وصف بها من قبل الصحافة و الجمهور، حينما كان لاعبا! هذه مشكلة كبيرة. والسبب الوحيد في عدم قدرة المدرب المحلي على العطاء مثل الأجنبي".

تبرئة رؤساء الأندية

المدرب عبد اللطيف الحسيني برأ ساحة مسؤولي الأندية، غير ملقٍ باللوم في مثل هذه التصرفات عليهم، قائلا "لا أجد هناك لائمة على رؤساء الأندية، لأنهم يريدون أن يرتاحوا من الضغط الإعلامي والجماهيري، بالتعاقد مع مدرب أجنبي، فكل شيء سيسير على ما يرام في حال الفوز، وإن خسر النادي فهو لم يوفق، و سيكون الضغط أقل. أما في حين تعاقد مع مدرب وطني، ستكون ردة فعل الجمهور بعد الخسارة، أنه لماذا تم التعاقد معه، ولم يتعاقد مع مدرب أجنبي". ووجه الحسيني اللوم في هذه الحالات إلى الإعلام، بقوله "الإعلام الرياضي يتحمل جزءا كبيرا، ولاحظت أن الإعلاميين يتهمون المدرب الوطني بإنزال مستوى الكرة السعودية، وهذا خطأ". مضيفا "الإعلاميين هم من زرعوا في الجمهور أن المدرب الوطني غير كفء، فلا بد أن يكون هناك تعاون، فنحن دائما ما نشدد على أن لدينا إعلاميين وصحفيين جيدين، ولم نذكر أننا نحتاج لإعلاميين أجانب متخصصين لديهم رؤية و مثقفين كما عاملنا به الصحفيين المحليين".

أخطاء المدربين والأندية

من جانبه، دافع عضو لجنة تطوير المدربين بالرئاسة العامة لرعاية الشباب محمد الخراشي، عن المدرب الوطني، وقال " إذا تابعنا الأندية السعودية بدقة، يمكن أن نلحظ عدم اعتماد على المدرب الوطني من قبل الفرق الأولى في دوري زين للمحترفين، أو في بعض أندية الدرجة الأولى. وفي الحقيقة هذا الموضوع يتكون من شقين، الشق الأول هو أن المدرب الوطني غير متفرغ، ومعظم المدربين العاملين مع الأندية هم من التربويين، معلمي التربية البدنية أو موظفي إحدى القطاعات، ولم يحترفوا المهنة احترافا، ويتقاضون مرتبات عالية جداً، والأندية لا تدفع القيمة التي يستحقها هذا المدرب. كما أن المدرب شخص عادي لديه التزاماته الشخصية، لذلك لا يستطيع أن يترك عمله الرئيس ويتجه للأندية، التي لا يمكن أن تعطيه راتبا عاليا، والخطأ هذا مشترك بين المدرب و النادي، لأن المدرب يرغب بأن يكون وضعه جيدا في النادي إذا ما تفرغ، لأنه سيعمل لساعات طويلة تكون على حساب البيت والأسرة، عكس عملك الوظيفي، والذي هو في ساعات محدودة، والأندية لا تريد أن تدفع مبالغ طائلة لهذا المدرب، الذي كان له صولات وجولات في الساحة الرياضية، وأغلب ما يحصل حالياً هو رد للجميل من هؤلاء المدربين، كونهم نشأوا وترعرعوا في النادي"، مؤكداً على أن المدربين الأجانب الموجودين في السعودية، على قدر كبير من الاحترافية، نظراً لأن بلدانهم تطبق الاحتراف بمعناه الصحيح، فيما المدرب المحلي لا يحترف، لأن التدريب ليس مهنة رسمية.

مسؤولية الجمهور

الخراشي حمل بدوره الجمهور المسؤولية، متفقا مع ما ذهب إليه الحسيني، بقوله "هناك نقطة مهمة جداً في عدم قيادة المدرب الوطني للفرق المحلية الكبيرة، ألا وهو جمهور الفريق. فهو حتى الآن غير مقتنع بالمدرب الوطني، إلا أسماء محدودة. لكن لاحظ معي أن بعض الأندية المحلية في الدرجة الأولى والثانية، التي صعد بها إلى الدرجة الأخرى، كانوا مدربين وطنيين".

حلول للمشكلة

وفي سبيل حل مشكلة عدم الاعتماد على المدربين الوطنيين، طرح الخراشي عدة مقترحات أمام مسؤولي الأندية والمدربين، مشددا على ضرورة أن "ينظر للمدرب الوطني وبالذات المؤهل بنفس النظرة التي ينظر بها المدرب الأجنبي، من ناحية العقود والمميزات. كما أن للإمكانات دور في الثقة به"، معتبرا أن "هناك اعتمادا على الاسم فقط حين يتم التعاقد مع مدرب أجنبي، ولا ينظر هل يمتلك الإمكانات التي تتوافق مع إمكانات وقدرات لاعبي الفريق، فالهلال أو الاتحاد أو النصر والشباب والأهلي يبحثون عن مدرب يوازي ما يملكونه من لاعبين مميزين، فلا يمكن أن يتعاقدوا مع مدرب أقل". وأضاف "الحاصل حالياً هو أن بعض إدارات الأندية، تطلب من أحد الوكلاء والسماسرة، التعاقد مع مدربين يعتمدون فيها على الأسماء، والنتيجة تكون إلغاء العقد مبكرا، لأن النادي لم يبحث عن المدرب المؤهل، وإنما بحث عن الاسم فقط، وهذا يدل على عدم خلفية بعض مسؤولي الأندية عن المدربين".

كفاءات عالية

وردا على اتهام المدرب الوطني بعدم الكفاءة، أكد الخراشي "وجود 27 مدربا حاصلين على شهادة الـ ass كالتي حصل عليها المدرب عبداللطيف الحسيني، لذلك لا مانع من إعطاء الثقة لهؤلاء المدربين"، مضيفاً أن المدرب لديه موهبة وقدرة تنمي وتصقل، عبر الدراسة النظرية التطويرية، وليس صناعة كما يقال حاليا.

و حول إحصائية المدربين المحليين قال الخراشي "هناك إحصائية في الرئاسة العامة، لكن هناك مدربين آخرين جاؤوا بعد إعداد هذه الإحصائية، ناهيك عن المدربين الذين لديهم عقود مع عدة أندية وغيرها من المؤسسات الرياضية، لذلك هو صعب أن أعطي رقم لكن هناك ما يقارب الـ 900 مدرب سعودي أو أكثر".

قصوره السبب!

رغم كل ما تقدم، هنالك من يعتبر أن المدرب الوطني طرف أساسي في المشكلة، وسبب رئيس في عدم الاعتماد عليه من قبل الأندية السعودية والخليجية والعربية أيضاً، وذلك بعدم اتجاه هذا المدرب إلى المدارس المتقدمة تدريبياً، سواء في أوروبا، أو أمريكا اللاتينية. فلا تجده يذهب لدراسة طرق التدريب الصحيحة والحديثة، والتكتيكات الفنية التي تخوله النجاح مع جميع الفرق. ولا حظ الجميع مؤخراً قيام مدرب اللياقة السابق بنادي الهلال عبداللطيف الحسيني، بتوقفه هذا الموسم عن ممارسة مهنة التدريب، وتوجهه إلى أوروبا، لأخذ دورات تدريبية تطويرية، لما يمتلكه من أساليب تدريبية، وهي الخطوة الصحيحة التي لا يسلكها أو يفكر فيها الكثير ممن يريدون أن يتقلدوا المنصب دون أي دراسة، أو خبرة، أو عناء تعلم، وهذا بالطبع لا ينطبق على جميع المدربين الوطنيين، وإنما على شريحة واسعة منهم.

تأخر دور الرئاسة!

من جهتها، كان للرئاسة العامة لرعاية الشباب دور جاء متأخراً، في تطوير المدرب الوطني، بعد رعاية نائب الرئيس العام لرعاية الشباب رئيس لجنة المنتخبات الأمير نواف بن فيصل، لندوة اختتام أعمال إستراتيجية تطوير المدرب الوطني، والتي تهدف إلى تطوير المدرب الوطني ورفع مستواه إلى المستوى العالمي، وإيجاد قاعدة عريضة من المدربين الوطنيين المؤهلين فنياً في مختلف الألعاب الرياضية، وترغيب الممارسين للألعاب لمزاولة مهنة التدريب، وإبراز التدريب الرياضي كمهنة متخصصة وواضحة الملامح، والعمل على إيجاد لائحة مستقلة للمدرب الوطني تحفظ حقوقه وواجباته، وتوفير مناهج دورات المدربين لمستويات متعددة لمنح رخص تدريب حسب تصنيف درجاتهم، وقد ساهم التنسيق مع هيئة التدريب البريطانية للاستفادة من تجربتها، إلا أن هذه الخطوط العامة والعريضة تحتاج لتنفيذ ميداني على الأرض، ودعم مالي، ومتابعة مستمرة، لكي تحقق الأهداف المرجوة، وهو ما لم يبدأ العمل عليه بجدية باكرا، لن تأتي الثمار إلا متأخرة جدا.