المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الرؤى والأحلام



الرائد7
May 19th, 2008, 11:13
السلام عليكم
الرؤيا تحولت عند كثير من الناس إلى هاجس لا ينفك عن التفكير فيه والاهتمام به؛ فصنعت لهم هماً وحزناً وقلقاً، وقد تتدخل في تشكيل مواقفه الاجتماعية والسياسية والدينية؛ بل غدت عند فِئام منهم ميزاناً للحق والباطل ومعرفة الصالح والفاسد، فلا جرم أن نسمع أحدهم يحكم بالنفاق والكفر على أناس صالحين أو حتى غير صالحين، وليس عليه من وزرهم شيء، ولا مستند له إلا رؤيا رآها، أو فتاة تحوّلت حياتها إلى شك وكآبة؛ لأن معبّراً أوَّلَ لها رؤياها على أنها تعيش وتموت كافرة.
إضافة إلى وسائل الإعلام التي حشدت كمّاً هائلاً لبرامج التعبير والتأويل، وأُنشِئت المواقع الإلكترونية، وأصبح المعبّر كأنه مستشار في جميع نواحي الحياة، ولا شك أن الناس قد يدفعونه لذلك دفعاً حتى لو لم يُرِد.
والرؤيا قدر مشترك، بل علامة على أن وراء هذا الكون تقديراً وتدبيراً، فما من أحد إلا ورأى في منامه ما يقصّه في يقظته، بل ما يجد تعبيره في المستقبل، وأطبقت كل الأمم على وجود الأحلام والرؤى، وتعاطت معها.
والعلماء يقولون: إن قرابة 70% من نوم الإنسان يرى فيه رؤى وينساها، ولا يحتفظ في ذاكرته إلا بقدر ضئيل منها.
وهذه الرؤى التي قد يشرحها في وقت طويل، تكون مرّت عليه في منامه خلال ومضة من الزمن لا تتجاوز ثوانيَ معدودة.
وكانت العرب تفزع من الأحلام والرؤى ويشتدّ عليهم ذلك، وفي البخاري ومسلم عن أبي سَلَمَةَ -رضي الله عنه- قال: لَقَدْ كُنْتُ أَرَى الرُّؤْيَا فَتُمْرِضُنِي حَتَّى سَمِعْتُ أَبَا قَتَادَةَ يَقُولُ: وَأَنَا كُنْتُ لأَرَى الرُّؤْيَا تُمْرِضُنِي- وفي رواية: كنت أرى الرؤيا أعرى منها غير أني لا أزمل- حتى لقيت أبا قتادة فذكرت ذلك له فقال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:‏(الرؤيا من الله والحلم من الشيطان فإذا حلم أحدكم حلماً يكرهه فلينفث عن يساره ثلاثاً وليتعوّذ بالله من شرها فإنها لن تضره).
فأوضح النبي -صلى الله عليه وسلم- لأمته الرؤى وأقسامها أوضح بيان وأتمه؛ فكثير من الناس تختلط عليهم الرؤى، وإن كانوا يعرفون مسميات أقسامها.
في صحيح مسلم وغيره عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِي -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: (الرُّؤْيَا ثَلاَثَةٌ: فَرُؤْيَا الصَّالِحَةِ بُشْرَى مِنَ اللَّهِ، وَرُؤْيَا تَحْزِينٌ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَرُؤْيَا مِمَّا يُحَدِّثُ الْمَرْءُ نَفْسَهُ).
وعند الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: (الرُّؤْيَا ثَلاَثٌ: فَرُؤْيَا حَقٌّ، وَرُؤْيَا يُحَدِّثُ بِهَا الرَّجُلُ نَفْسَهُ، وَرُؤْيَا تَحْزِينٌ مِنَ الشَّيْطَانِ).
وقد عبر النبي -صلى الله عليه وسلم- عن القسم الأول المحمود من الرؤيا بـ: (الرُّؤْيَا الصَّالِحَةِ) وأنها (بُشْرَى مِنَ اللَّهِ), وقال: (هي جزء من خمسة وأربعين أو ستة وأربعين جزءاً من النبوة) وقال: ( مَنْ رَأَى رُؤْيَا تُعْجِبُهُ فَلْيُحَدِّثْ بِهَا فَإِنَّهَا بُشْرَى مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ) .
وهذا القسم: هو الرؤيا الحق وهي بشرى من الله تسر الرائي ولا تغرّه، كما قال الإمام أحمد.
وينبغي ألا يعتقد في نفسه أنه أكمل من غيره؛ لأنه رأى رؤياً حسنة، وأن من لم ير شيئاً منها يكون دليل نقص أو سوء، فالمزيّة لا تقتضي الأفضلية، وقد يراها أو تُرى له فتكون خيراً.
القسم الثاني: حديث النفس؛ وسببه ما ينشغل به الإنسان في يومه من همّ لمسؤولياته، وتفكير في ضروريات حياته ومتطلباتها سواء في حاضره أو مستقبله، فيشتد ويجمع نفسه لذلك من بيع أو شراء أو زواج ... الخ، فيرى في منامه ما يناسبه، وهذا القسم لا يقدم ولا يؤخر شيئاً، وهو بمنزلة التفكير في اليقظة، وهو أكثر منامات الناس وأحلامهم؛ لأن المرء في يقظته يسرح ويفكر فيما يواجهه ويعانيه، والنوم أقل درجة من اليقظة، فتتسلط المعاني على النائم فيراها ويسرح معها، وإذا استيقظ ظنها رؤياً وإرشاداً لما سيقع له، وهي لا تعدو أن تكون انعكاساً وانطباعاً لما كان يشغل باله ويفكر فيه في صحوه، وقد لا تشاء أن ترى شيئاً في المنام بإذن الله إلا فكرت فيه قبل النوم لعشر دقائق أو أكثر، فتراه غالباً، وقد ينسى المرء ما رأى أولا يستذكره إلا بعد حين.
والكم الهائل من الرؤى التي هي حديث نفس وجولان خاطر ليس عليه معول، ولا تأثير، ولا يصلح أن يحكّمه المرء في مشكلاته وظروفه وقراراته أياً كانت.
وشأن الشيطان مع الإنسان في اليقظة هو شأنه معه في نومه.
وحدِّث عن ذلك ولا حرج من تلعّب الشيطان بالناس، فهذا يرى من يأمره بتطليق زوجته الصالحة، وآخر يرى من عليه سيما الصالحين يأمره بقتل فلان أو عدم التصدق على فلان..
وقد اعتدى بعض المأزومين في الحرم الشريف على رجل صالح يصلي؛ لرؤيا رآها في نومه!
وفي الصحيح عَنْ جَابِرٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ لأَعْرَابِيٍّ جَاءَهُ فَقَالَ: إِنِّي حَلَمْتُ أَنَّ رَأْسِي قُطِعَ فَأَنَا أَتَّبِعُهُ؛ فَزَجَرَهُ النَّبِي -صلى الله عليه وسلم- وَقَالَ: (لاَ تُخْبِرْ بِتَلَعُّبِ الشَّيْطَانِ بِكَ في الْمَنَامِ).
والشيطان يظهر لكل قوم بما لا ينكرونه، فيحدث من الضلال والفرقة والشر ما لا يخفى على متبصر، بل ما ادّعى أحد أنه المهدي إلا ويحدوه سيل من الرؤى والمنامات لمن حوله، وكثيراً ما تدعوهم إلى الخير والبر، مما يزيد اعتقادهم فيه، لكن يكفي من الباطل والفساد أن يعتقد من يتبعه أنه المهدي.
والغالب على مادة هذا القسم الدعوة إلى شر أو فساد أو بناء حكم بعيد عن هدي الشريعة.

ابوعبدالمجيد
May 20th, 2008, 01:24
والملاحظ اخي الكريم مدى تعلق البعض واصرارهم على تفسير رؤاهم وهذا اكثر من مفسري الاحلام والذي بالطبع كثر فيهم من هم غير اهل لذلك

ولعل لنا في قصة يوسف عليه السلام عبرة وخير دليل على ان تفسير الرؤى موهبه من الله عز وجل حيث قال الله تعالى {وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِن قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }يوسف6

وقال تعالى ( َكَذَلِكَ مَكَّنِّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ }يوسف21

وقال تعالى ( رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ )

فمسألة تأويل الرؤى يجب تؤخذ من اناس لديهم الموهبه والدرايه ومن العلم ما يؤهله لذلك

وكلنا نعلم القصة التي حصلت في عهد ابن سيرين رحمه الله وهو من مشاهير من كان يفسر الأحلام في هذه الأمة، أنه أتاه رجلان، كل واحد منها يذكر أنه رأى في المنام أنه يؤذن، فقال للأول: أنت تحج، وقال للآخر: أنت تسرق فتقتطع يدك، فقيل له كيف ذلك؟ قال: رأيت على الأول علامات الصلاح فتأولت قول الله تعالى: وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ [الحج:27] ورأيت على الثاني علامات الخبث والفجور، فأولت قوله تعالى : ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ [يوسف:70] مع أن الرؤيا نفسها هنا وهنا، لكن قال للأول: أنت تحج وقال للآخر: أنت تسرق فتقطع يدك.

تقدير لك

الرائد7
May 20th, 2008, 14:23
السلام عليكم
أسعدك الله أبو عبد المجيد بطاعته
وشكر الله لك الإضافة القيمة
دمت بخير

عابر سبيل
May 21st, 2008, 12:30
اخي الغالي / الرائد7 ...................وفقه الله

نعم تحول كثير من الناس لتفسير الروى والاعتماد عليها

وخاصة النساء ولا ننكر فعل النبي صلى الله عليه وسلم

في السؤال من راى منكم البارحه او كما قال ولكن ان يعتمد

عليها كثير من الناس في حياتهم وقد شاهدت من الناس

ما يشيب له الراس في مسألة الروى والاحلام ولكن

نسأل ان يصلح جميع المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات

بارك الله فيك اخيىالغالي

ابو فيــصل
May 21st, 2008, 12:43
الرائد 7

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاك الله خير على الموضوع الرائع والمميز

لدي عدة تعقيبات:
أولاً: أن السؤال عند تعبير الرؤيا ابتداء أمر مشروع.. سواء كان هذا السؤال من الرائي أو من المعبر ، ويدل لذلك ما ثبت في الصحيحين من حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يكثر أن يقول: "من رأى منكم الليلة رؤيا" ، فيعبر لهم رؤاهم ..

ثانياً: العلم بالتعبير من أعظم المنن من الله ، وهو ما امتن الله به على يوسف عليه السلام ، قال تعالى: " وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث ... "

ثالثاً: من المهم أن نعلم أن المعبرون على ثلاثة أقسام:
1) من يعبر بالإلهام، وهذا هو شأن الأنبياء والملهمون من الناس ، كما ثبت ذلك لعمر بن الخطاب حين قال صلى الله عليه وسلم: " لقد كان فيمن كان قبلكم ملهمون من غير أن يكونوا أنبياء فإن يكن في هذه الأمة أحد فعمر " متفق عليه.
2) من يعبر بالفراسة، وهذا هو شأن عدد من المعبرين ومن أبرزهم : إمام التعبير محمد بن سيرين رحمه الله .
3) من يتعلم التعبير ويتمكن من لاتعبير بواسطة الاستفادة من الرموز ومعرفة أحوال الشخص، وهذا شأن الكثير من المعبرين .. وخاصة المعاصرين .. لذلك: من المهم أن نسأل المعبر حينما يعبر رؤانا عن كيفية استنتاجه ذلك التعبير ..

أخيراً:
تعبير الرؤيا علم عظيم .. يمكن تعلمه وتعليمه .. وله مدارس أسسها جمع من أهل العلم ، ومن أبرزهم: ابن قتيبة الدينوري، والشهاب العابر الحنبلي، والقادري ، وغيرهم ..


تحياتي للجميع ..وأكرر شكري للمقال الرائع للأخ الرائد ..

الرائد7
May 22nd, 2008, 03:21
السلام عليكم
بارك الله فيكم جميعا
أسعدني مروركم

الرائد7
May 22nd, 2008, 03:26
السلام عليكم
أخي الكريم أبو فيصل..
أرجو أن يتسع صدرك لمداخلتي هذه..

ثالثاً: من المهم أن نعلم أن المعبرون على ثلاثة أقسام:
1) من يعبر بالإلهام، وهذا هو شأن الأنبياء والملهمون من الناس ، كما ثبت ذلك لعمر بن الخطاب حين قال صلى الله عليه وسلم: " لقد كان فيمن كان قبلكم ملهمون من غير أن يكونوا أنبياء فإن يكن في هذه الأمة أحد فعمر " متفق عليه.
2) من يعبر بالفراسة، وهذا هو شأن عدد من المعبرين ومن أبرزهم : إمام التعبير محمد بن سيرين رحمه الله .
3) من يتعلم التعبير ويتمكن من لاتعبير بواسطة الاستفادة من الرموز ومعرفة أحوال الشخص، وهذا شأن الكثير من المعبرين .. وخاصة المعاصرين .. لذلك: من المهم أن نسأل المعبر حينما يعبر رؤانا عن كيفية استنتاجه ذلك التعبير ..

ماهو المستند على هذا التقسيم.؟ بمعنى كيف حكمنا بوجوده؟؟



تعبير الرؤيا علم عظيم .. يمكن تعلمه وتعليمه .. وله مدارس أسسها جمع من أهل العلم ، ومن أبرزهم: ابن قتيبة الدينوري، والشهاب العابر الحنبلي، والقادري ، وغيرهم ..
اسمح لي أن أختلف معك في هذه النقطة.. فتعبير الرؤى علم نعم صحيح..
لكن يمكن تعلمه وتعليمه هذا أمر غير صحيح..
والكتب الموجودة في هذا الباب ليست عمدة أبدا لتأويل الرؤيا لأنها تختلف باختلاف الحال والشخص .
دمت بخير