تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : جربة: قصة تعايش وتسامح نادرة بين اليهود والمسلمين



اصداااء قفصة
May 14th, 2018, 22:00
جربة - طارق عمارة (تونس) أحمد جاد الله‬ (رويترز) - تحمل الشابة المسلمة سيرين شموعا في يديها وتكتب أمانيها على بيضة بينما ترافق أصدقاء يهودا داخل كنيس الغريبة في جزيرة جربة التونسية لتقاسمهم بعضا من طقوسهم الدينية.

http://www.doraksa.com/mlffat/files/2371.jpg

سيرين بن سعيد واحدة من عشرات المسلمين ممن أصبحوا يتوجهون سنويا لمشاركة اليهود احتفالاتهم الدينية في أقدم معبد يهودي بأفريقيا في إشارة قوية على التسامح والتعايش بين الأديان في منتجع جربة السياحي الذي يعيش فيه نحو 1200 يهودي من بين حوالي 2000 يعيشون في تونس وينتشرون بين جربة ومدينة حلق الوادي وحي لافيات بالعاصمة تونس.

وتقول الطبيبة النفسية الشابة سيرين لرويترز ”أنا هنا لمشاركة الطقوس مع أصدقائي اليهود في تونس الجديدة. تونس التسامح والتعايش وحرية المعتقد. صحيح كل واحد منا له دينه، لكن لدينا العديد من النقاط المشتركة تجمعنا من بينها الوطن والحب والسلام“.

ورغم أن يهود جربة تعرضوا لضربة قوية في عام 2002 عندما هاجم متشدد إسلامي يقود شاحنة صهريج لنقل الغاز معبد الغريبة حيث قتل 19 سائحا هناك، إلا أنهم يعيشون بانسجام في المجتمع ولا تكاد تشعر بأي فرق بينهم وبين مسلمي جربة.

http://www.jimena.org/wp-content/uploads/2016/07/----1-1.jpg

وهاجر حوالي 100 ألف يهودي من تونس إلى إسرائيل وأوروبا منتصف القرن الماضي بسبب الخوف من الانتقام وأيضا بسبب الفقر. ورغم أن عدد يهود تونس قليل فان عيشهم بانسجام بعيدا عن العزلة يعتبر قصة تعايش نادرة في العالم العربي.

معبد الغريبة الذي كان لا يثير لدى كثير من التونسيين إلا ذكرى هجوم دموي قُتل فيه سياح يهود في العام 2002 أصبح في السنوات الأخيرة رمزا للتسامح والتعايش بين المسلمين واليهود.

عندما تطأ قدماك معبد الغريبة اليهودي يستقبلك الشاب المسلم مكرم القعقاع بابتسامة عريضة ويقدم غطاء الرأس لزوار المعبد.

مكرم حارس المعبد اليهودي الذي يشتغل هناك منذ سبع سنوات يقول ”هذا شغلي ومورد رزقي والدين لله وحده.. المهم أن علاقتي جيدة بكل من يزور هذا المكان.. هم يحبوني وأنا أحبهم واشتغل بتفان كي يكون المعبد في أحسن حلة“.

https://s1.reutersmedia.net/resources/r/?m=02&d=20180514&t=2&i=1261907865&r=LYNXNPEE4D0XA&w=1280
امرأتان مسلمتان تحدثان إلى رجل يهودي في كنيس الغريبة في جزيرة جربة - رويترز

رجال الدين المسلمون والسياسيون التونسيون بدءا من رئيس الحكومة وصولا إلى مفتي الجمهورية لا يفوتون الفرصة للتوجه إلى جربة للتسويق لصورة التسامح والتعايش بين الأديان.

التونسي حسن الشلغومي إمام جامع باريس الذي جاء خصيصا لزيارة احتفالات الغريبة قال لرويترز بينما كان يصافح حاخاما جاء من إسرائيل للمشاركة في الاحتفالات ”جربة فعلا نموذج حقيقي للتعايش بين المسلمين واليهود.. هذه الجزيرة الهادئة التي تحتضن يهودها ومسلميها بانسجام تعطي رسالة للعالم بأننا يجب أن نترك البغضاء والعداء وأن نتجه للحوار فورا“.

ويضيف ”انظروا كيف تركت كوريا الشمالية والجنوبية سنوات العداء والصراع جانبا واتجهتا للحوار“.

http://www.elkhabar.com/media/uploads/images/2015-05-2122:20:30.348016-h12.jpg

ويعيش أغلب اليهود في الحارة الكبرى بجزيرة جربة في بيوت تحاذي جيرانهم المسلمين ويتبادلون الزيارات والهدايا في المناسبات الدينية والأعراس أيضا.

ورغم التعايش الهادئ إلا أن المراقبة الأمنية للمنطقة مستمرة هناك لتفادي أي هجمات من المتشددين الإسلاميين.

وخلال الاحتجاجات الأخيرة في شهر يناير كانون الثاني ألقى مجهولون قنابل مولوتوف على معبد بالمنطقة دون أن يخلف ذلك أي خسائر بشرية.

وفي وسط الحارة الكبرى تقع مدرسة يهودية يرتادها حوالي 150 طفلا حيث يتلقون تعاليم اليهودية بعدما ينهون دراستهم بالمدرسة العمومية مع أقرانهم المسلمين.

https://www.dreuz.info/wp-content/uploads/2018/01/43c6e13513ce35f7eb41367d2db4b5aa.jpg

دور اقتصادي ليهود تونس
رغم العدد الضيئل لليهود في تونس إلا أنهم يتميزون بنشاطهم الاقتصادي اللافت حيث ينشط عدد منهم في قطاع السياحة ووكالات الأسفار والمطاعم وصناعة الحلي.

وأنت تدخل المدينة العتيقة بجربة التي تعرف أيضا باسم جزيرة الأحلام لا يمكنك إلا أن تتوقف عند مقيصص الشباح ذلك الخياط اليهودي الذي يشتغل هناك منذ نحو أربعة عقود في خياطة الجبة التقليدية للمسلمين وهي لباس يرتديه الرجال في المناسبات الدينية والأعراس.

يقول الخياط اليهودي إن كل زبائنه من المسلمين ويحبون اتقانه لمهنته. ويجاور محل الشباح محلا بيع الحلي يملكه مسلم حيث يتبادل الاثنان المزاح بشكل مستمر. يقول الشباح متحدثا لرويترز من وراء آلة الخياطة القديمة ”نحن أخوة وجيران منذ عقود. نحن تونسيون“.

وفي المدينة العتيقة أغلب تجار الحلي هم من اليهود ويشتهرون باتقانهم للحرفة حيث يتدفق عليهم زبائنهم من يهود ومسلمين وسياح. في متجر حلي يملكه الشاب اليهودي سيون داعي تقف امرأة مسلمة تلبس الزي التقليدي التونسي وهي تدفع ثمن ما اقتنته من حلي.

وتقول يامنة بوزيري لرويترز ”أنا تعودت من سنوات طويلة أن أقتني من هذا المتجر الحلي لأن لا ثقة لي إلا في سيون“.

https://adminassets.devops.arabiaweather.com/t.php?y=album_image&wx=930&p=https://adminassets.devops.arabiaweather.com/sites/default/files/متحف%20قلالة.jpg

نشاط يهود جربة لا يقتصر على صناعة الحلي التي اشتهروا بها منذ عقود من الزمن ولكنه يشمل العديد من القطاعات الأخرى.

وغير بعيد عن سوق الحلي يقع مطعم يهودي في قلب المدينة العتيقة على واجهته لافتة تحمل اسمه باللغة العربية والعبرية.

المطعم الذي يملكه هارون حداد يكتظ منذ الساعة منتصف النهار بزبائنه اليهود والمسلمين حيث يقدم أكلات شهية يقبل عليها أغلب تجار وزوار المنطقة.

ويقول الطباخ اليهودي جبرئيال يعيش ”في المدينة العتيقة هناك عديد اليهود.. نقدم لهم أطباقا تتلاءم مع تعاليم اليهودية وأيضا نعد أطباقا تقليدية يحبها المسلمون..لكن حقيقة هذه كلها تفاصيل لم نعد ننتبه إليها في جربة وما يهمني أنا شخصيا أن تجارتي مربحة وتجد رواجا“.


طقوس "الحج"اليهودي في جربـة التونسيـة (http://www.elkhabar.com/press/article/80646/)

https://adminassets.devops.arabiaweather.com/t.php?y=album_image&wx=930&p=https://adminassets.devops.arabiaweather.com/sites/default/files/%D8%AC%D8%B1%D8%A8%D8%A9_0.jpg