منير جبر
October 18th, 2017, 18:46
الرباط - عصام واعيس (منارة) : هل تعلم، أيها السائل، أن العائلات المغربية كانت تكلف شخصا يسمى بمزوار العائلة بالتنقل والتجوال في فلك فروعها وجذورها وبمعرفة أمواتها ومواليدها ويسجل كل ذلك في بطائق ووثائق؟
http://www.menara.ma/sites/default/files/public/styles/detail_505_295/public/maroc_2017.jpg
"علم الأنساب في المغرب عريق وله تاريخ أصيل" بهذا الإثبات المغلف في ثوب تساؤل يتحدث الخبير المغربي في علم الأنساب، عبد العزيز تيلاني، عن هذا العلم الذي يحتفي المغرب اليوم، ثاني أكتوبر، برصيده العريق فيه.
"هو علم النشأة وتعداد الأسلاف. علم يهم دراسة ومعرفة النسب والنسل والسلالات"، يضيف الأستاذ تيلاني الذي يرأس المؤسسة المغربية للدراسات والأبحاث في علم الأنساب،في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، مفسرا اهتمام الإنسان بهذا العلم إلى تساؤلات ملكت عليه نفسه منذ بدء الخليقة " عن أصله وأصل العالم وخلق الكون وعمر الأرض وهل سبقه بشر آخر أو كائنات حية أخرى إلى الوجود، وكيف اختلف الأجناس وهل هي من نوع واحد وأمة واحدة أم مختلفة الأصل والمنشئ".
وإذا كان العرب والمسلمون قد اهتموا بهذا العلم في مراحل سابقة من تاريخهم كما تشهد على ذلك كتابات في هذا المجال من مثل "نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب" لأبو العباس بن علي القلقشندي، و"جمهرة أنساب العرب" لابن حزم، و"اللباب في تهذيب الأنساب" لابن الأثير، وما سجله ابن خلدون في هذا الاختصاص في كتبه، فلا زال الاهتمام بهذا العلم قائما بالأقطار العربية والإسلامية وإن خفتت جذوته.
ووطنيا، جدد الباحثون المغاربة الصلة بهذا العلم، الذي كتبت فيه وجوه علمية لامعة محاولة توثيق أصل الأسر والأنساب، بتأسيس الفدرالية المغربية لعلم الأنساب عام 2004 التي نجحت في الانضمام سنتين تقريبا بعد تأسيسها إلى الكونفدرالية الدولية لعلم الأنساب، ليصير المغرب بذلك أول بلد مسلم عربي إفريقي ينضم إلى هذه المنظمة.
وفي بداية نونبر 2013 تم، بمبادرة من الأستاذ محمد المعزوزي، أحد كبار المختصين في هذا المجال، الإعلان عن تأسيس المؤسسة المغربية للدراسات والأبحاث في علم الأنساب، بأهداف بينها " نشر ثقافة علم الأنساب والتعريف بأهميته، والعناية بتاريخ العائلات والأسر في المغرب وبلدان شمال إفريقيا، والعالم العربي، والعالم الإسلامي، وإفريقيا".
http://www.doraksa.com/mlffat/files/2925.jpg
وعن المشاريع المستقبلية لهذه المؤسسة يقول رئيسها، الأستاذ تيلاني، "يحذونا اليوم الطموح لتأسيس بنك للمعلومات خاص بشجرة أنساب الأسر المغربية، ونعمل على استقطاب علماء ومختصين للإسهام في هذا المشروع الكبير وقد بدأنا تجميع الوثائق والمصادر والمشجرات والكتابات القديمة والمخطوطات لهذه الغاية"، ملحا على أن "المغاربة بحاجة إلى أن يرجعوا لأنفسهم وأن يبحثوا عن ذاتهم. نحن بأمس الحاجة اليوم إلى خلق نوع من التماسك في ذوات الشباب عن طريق تعريفهم بأنسابهم وأكثر من ذلك أن نجعل هذه المعرفة مصدر فخر واعتزاز".
ولتحقيق هذه الغاية، يواصل الأستاذ تيلاني في حديثه للوكالة، "نسعى إلى تكوين جيل من النسّابين المغاربة المحترفين من بين الشباب الموجز في تخصصات تتقاطع مع علم الأنساب".
وتطمح المؤسسة إلى مد نسّابي المستقبل بتكوين علمي محكم في مجال الأنساب بشراكة مع فاعلين مختلفين، ما قد يتوج بعد ذلك بفتح مكاتب مختصة في تحديد الأنساب و"هو ما يعني أيضا نوعا جديدا من الوظائف قد يصبح لأهلها بطائق مهنية وقانون وميثاق شرف". "وبخطوة مماثلة سيكون بإمكان هذا العلم أن يقطع الطريق على بعض الأدعياء، وتمحيص شجرة أنساب الأسر المغربية علميا"، يرى تيلاني وهو أيضا خبير في الأرشيف والوثائق.
لكن ما الهدف الأسمى من كل هذا الجهد؟ يجيب الأستاذ المولع بملاحقة جذور السلالات وربط فروعها بأصولها "الهدف هو إذكاء الشعور الوطني وحفظ الذاكرة والهوية وتماسك الذات وتقارب الأنساب وتمازجها بما يدعم التعايش والقبول بالآخر خاصة في ظل هذه الأزمنة المتوحشة. فحين تحس بأن وجودك ممتد في عمق التاريخ، فذلك يعطيك نفسا قويا للدفاع عن هويتك ووطنك وقضاياك الكبرى وفي صدارتها قضية الوحدة الترابية".
المؤسسة المغربية للدراسات والأبحاث في علم الأنساب بصدد أيضا التأسيس لكونفدرالية عربية إفريقية لعلم الأنساب يقودها المغرب الذي راكم تجربة هامة لاسيما بفضل عضويته في منظمة دولية تعنى بهذا العلم. المنظمة الإقليمية المنتظرة ستسعى، من ضمن أهداف أخرى، إلى التنقيب في صلات القرابة والجذور المشتركة التي تجمع المملكة بالقارة التي تنتمي إليها من خلال متابعة تاريخ من تنقل وترحال الأسر واستقرارها والبحث في حركية الأصهار والوشائج.
غير أن طموحات "النسابين" المغاربة وإن كانت بهذا الحجم فلا تخلو من إكراهات. "نعتمد على إمكانياتنا الذاتية التي تبقى ضعيفة، لا نتلقى أي دعم، نشتغل بحب وعصامية ونريد أن نقدم لهذا البلد الذي نحبه الشيء الكثير"، يقول الأستاذ تيلاني، مضيفا، بصوت أسيف، "وقد لا أخفيك أن مقر المؤسسة هو بيتي".
http://www.menara.ma/sites/default/files/public/styles/detail_505_295/public/maroc_2017.jpg
"علم الأنساب في المغرب عريق وله تاريخ أصيل" بهذا الإثبات المغلف في ثوب تساؤل يتحدث الخبير المغربي في علم الأنساب، عبد العزيز تيلاني، عن هذا العلم الذي يحتفي المغرب اليوم، ثاني أكتوبر، برصيده العريق فيه.
"هو علم النشأة وتعداد الأسلاف. علم يهم دراسة ومعرفة النسب والنسل والسلالات"، يضيف الأستاذ تيلاني الذي يرأس المؤسسة المغربية للدراسات والأبحاث في علم الأنساب،في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، مفسرا اهتمام الإنسان بهذا العلم إلى تساؤلات ملكت عليه نفسه منذ بدء الخليقة " عن أصله وأصل العالم وخلق الكون وعمر الأرض وهل سبقه بشر آخر أو كائنات حية أخرى إلى الوجود، وكيف اختلف الأجناس وهل هي من نوع واحد وأمة واحدة أم مختلفة الأصل والمنشئ".
وإذا كان العرب والمسلمون قد اهتموا بهذا العلم في مراحل سابقة من تاريخهم كما تشهد على ذلك كتابات في هذا المجال من مثل "نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب" لأبو العباس بن علي القلقشندي، و"جمهرة أنساب العرب" لابن حزم، و"اللباب في تهذيب الأنساب" لابن الأثير، وما سجله ابن خلدون في هذا الاختصاص في كتبه، فلا زال الاهتمام بهذا العلم قائما بالأقطار العربية والإسلامية وإن خفتت جذوته.
ووطنيا، جدد الباحثون المغاربة الصلة بهذا العلم، الذي كتبت فيه وجوه علمية لامعة محاولة توثيق أصل الأسر والأنساب، بتأسيس الفدرالية المغربية لعلم الأنساب عام 2004 التي نجحت في الانضمام سنتين تقريبا بعد تأسيسها إلى الكونفدرالية الدولية لعلم الأنساب، ليصير المغرب بذلك أول بلد مسلم عربي إفريقي ينضم إلى هذه المنظمة.
وفي بداية نونبر 2013 تم، بمبادرة من الأستاذ محمد المعزوزي، أحد كبار المختصين في هذا المجال، الإعلان عن تأسيس المؤسسة المغربية للدراسات والأبحاث في علم الأنساب، بأهداف بينها " نشر ثقافة علم الأنساب والتعريف بأهميته، والعناية بتاريخ العائلات والأسر في المغرب وبلدان شمال إفريقيا، والعالم العربي، والعالم الإسلامي، وإفريقيا".
http://www.doraksa.com/mlffat/files/2925.jpg
وعن المشاريع المستقبلية لهذه المؤسسة يقول رئيسها، الأستاذ تيلاني، "يحذونا اليوم الطموح لتأسيس بنك للمعلومات خاص بشجرة أنساب الأسر المغربية، ونعمل على استقطاب علماء ومختصين للإسهام في هذا المشروع الكبير وقد بدأنا تجميع الوثائق والمصادر والمشجرات والكتابات القديمة والمخطوطات لهذه الغاية"، ملحا على أن "المغاربة بحاجة إلى أن يرجعوا لأنفسهم وأن يبحثوا عن ذاتهم. نحن بأمس الحاجة اليوم إلى خلق نوع من التماسك في ذوات الشباب عن طريق تعريفهم بأنسابهم وأكثر من ذلك أن نجعل هذه المعرفة مصدر فخر واعتزاز".
ولتحقيق هذه الغاية، يواصل الأستاذ تيلاني في حديثه للوكالة، "نسعى إلى تكوين جيل من النسّابين المغاربة المحترفين من بين الشباب الموجز في تخصصات تتقاطع مع علم الأنساب".
وتطمح المؤسسة إلى مد نسّابي المستقبل بتكوين علمي محكم في مجال الأنساب بشراكة مع فاعلين مختلفين، ما قد يتوج بعد ذلك بفتح مكاتب مختصة في تحديد الأنساب و"هو ما يعني أيضا نوعا جديدا من الوظائف قد يصبح لأهلها بطائق مهنية وقانون وميثاق شرف". "وبخطوة مماثلة سيكون بإمكان هذا العلم أن يقطع الطريق على بعض الأدعياء، وتمحيص شجرة أنساب الأسر المغربية علميا"، يرى تيلاني وهو أيضا خبير في الأرشيف والوثائق.
لكن ما الهدف الأسمى من كل هذا الجهد؟ يجيب الأستاذ المولع بملاحقة جذور السلالات وربط فروعها بأصولها "الهدف هو إذكاء الشعور الوطني وحفظ الذاكرة والهوية وتماسك الذات وتقارب الأنساب وتمازجها بما يدعم التعايش والقبول بالآخر خاصة في ظل هذه الأزمنة المتوحشة. فحين تحس بأن وجودك ممتد في عمق التاريخ، فذلك يعطيك نفسا قويا للدفاع عن هويتك ووطنك وقضاياك الكبرى وفي صدارتها قضية الوحدة الترابية".
المؤسسة المغربية للدراسات والأبحاث في علم الأنساب بصدد أيضا التأسيس لكونفدرالية عربية إفريقية لعلم الأنساب يقودها المغرب الذي راكم تجربة هامة لاسيما بفضل عضويته في منظمة دولية تعنى بهذا العلم. المنظمة الإقليمية المنتظرة ستسعى، من ضمن أهداف أخرى، إلى التنقيب في صلات القرابة والجذور المشتركة التي تجمع المملكة بالقارة التي تنتمي إليها من خلال متابعة تاريخ من تنقل وترحال الأسر واستقرارها والبحث في حركية الأصهار والوشائج.
غير أن طموحات "النسابين" المغاربة وإن كانت بهذا الحجم فلا تخلو من إكراهات. "نعتمد على إمكانياتنا الذاتية التي تبقى ضعيفة، لا نتلقى أي دعم، نشتغل بحب وعصامية ونريد أن نقدم لهذا البلد الذي نحبه الشيء الكثير"، يقول الأستاذ تيلاني، مضيفا، بصوت أسيف، "وقد لا أخفيك أن مقر المؤسسة هو بيتي".