المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شحذ الهمة في رمضان.. لمن أراد الجنة! (1)



جوهرة القصر
August 22nd, 2009, 09:55
شحذ الهمة في رمضان.. لمن أراد الجنة! (1)
علي مختار محفوظ

الحمد لله الذي فضّل بعض الأيام على بعض، وفضّل بعض الشهور على بعض، وفضّل بعض الليالي على بعض، ثم أرشدنا ودلّنا على هذه الفضائل لا لشيء، إلا لتمام الاستعداد، وكمال الترحاب؛ ولاغتنام هذه الأوقات لنيل العفو والغفران، فقد فضّل الله سبحانه وتعالى شهر رمضان على سائر الشهور؛ لنستثمر هذا الموسم العظيم للتقرب إلى الله تعالى فيه بأنواع الطاعات؛ لننال مغفرة الذنوب ورفع الدرجات ومضاعفة الحسنات.
وكان السلف الصالح يعتنون فيه بالطاعة، ويتفرغون في معظمه لقراءة القرآن والعبادة؛ لأنهم عرفوا خصائصه الكثيرة وفضائله العديدة، ولأنهم عظموا الرب سبحانه وتعالى، وعلموا أن الدنيا فانية والعمر قصير، فالعمل الصالح هو النافع، يوم لا ينفع مال ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم.
حسن التهيئة و قوة الاستعداد:
وشهر رمضان ضيف عزيز وشهر كريم، يأتي مرة واحدة في العام، فينبغي أن نحسن استقباله بمزيد من الجهد والترحاب والاهتمام، والاستعداد له بتهيئة الجوارح وتقويتها لتقبل المزيد من العمل، والتشمير عن ساعد الجد والاجتهاد، ويكون ذلك: بالاستعداد بفعل الطاعات، وتدريب النفس عليها والتسابق في الخيرات، ومجاهدة النفس، وإلزامها بالصبر على الطاعة.

ولكي تتحمس النفس لفعل الطاعات والبعد عن المعاصي والمنكرات؛ لا بد من تذكيرها بالثواب الجزيل المترتب على فعل هذه الأعمال، مثل حديث النبي صلى الله عليه وسلم:" من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه" وأيضا:" من قامرمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه". وأيضا:" من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه".
و تتحمس النفس أيضا بجعلها تشتاق لجنة الرضوان، وتسير في طريق أهلها، فتتمسك بالاستقامة، وتخاف مقام الله، وتبتعد عن اتباع الهوى، مع تخويف النفس من لهيب النار، وإبعادها عن طريق الغواية والطغيان، وعدم نسيان الآخرة، وتفضيل الدنيا عليها حتى تبتعد عن طريق أهل النار.

ومما ورد في الأثر عن ذلك:
أن رجلاً مات شهيداً، ثم مات بعده رجل آخر بسنة، فسبقه إلى الجنة. فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال: "لعله شهد رمضان". فهلا نستثمر هذه الفرصة؟ ونكثر من الاجتهاد فيه، بفعل الطاعات والمسارعة للخيرات، وترك المحذورات والبعد عن المنكرات، فقد قارب حلوله علينا ضيفاً مباركاً، ووافداً كريماً، فاستقبلوه بالغبطة والسرور، واشكروا الله إذا بلغكم إياه، واسألوه أن يعيننا على صيامه، ويوفقنا لقيامه، والإكثار من العمل الصالح فيه، ونسأله سبحانه وتعالى القبول.

جوهرة القصر
August 22nd, 2009, 09:56
كيفية شحذ الهمة:
ومن لا يجد في نفسه الرغبة القوية، والتحمس الفعال للتنافس في الطاعات، وفعل الخيرات في هذا الشهر الكريم، ولم تنفع أساليب الترغيب والترهيب السابقة؛ من التذكير بالثواب العظيم المترتب على فعل أعمال يسيرة في شهر القرآن، أو الاشتياق للجنة ونعيمها، والترهيب من النار وجحيمها؛ ولا يزال قلبه قاسيا غير سليم؛ فعليه أن يذكر نفسه أن الأجل قصير، والأعمار محدودة، والموت يأتي بغتة، والقبر صندوق العمل، فالذي ينفع المسلم في قبره هو العمل الصالح" قال الله تعالى: "فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ، وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ".
وأيضا التذكير بأن السعادة في الدنيا و الراحة في الآخرة لا تحدث إلا لمن استقام على أمر الله، فمن أراد أن يحيا حياة طيبة في الدنيا، ويعيش في سعادة دائمة فعليه بالمواظبة على الاستقامة، و الاجتهاد للثبات على الطاعة؛ قال تعالى:" مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ" سورة النحل. وإلا فسوف يندم يوم الحساب على ما فرط في جنب الله، فعلى المسلم الاجتهاد في طاعة الله لمصلحة نفسه، وللوصول لأعلى الدرجات، فمن يعمل الصالحات فأولئك لهم الدرجات العلى، كما قال تعالى:"إِنَّهُ مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيى؛ وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُوْلَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى، جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاء مَن تَزَكَّى).
ومن لم يستيقظ بهذه الأمور:
فعليه أن يوقظ نفسه ويجلي قلبه بزيارة القبور، والوقوف لحظات لتدبر مصيره، ويتأمل في نهاية كل حي، ويمكن أن يصلي الجنازة ثم يشارك في حملها، ودفنها، أو يذهب لزيارة المرضى خاصة الأمراض المقعدة الناتجة عن حوادث مفجعة؛ فمن المؤكد أن النفس تتأثر والقلب يلين، ويبدأ في الندم على التفريط، و يجدد التوبة، وينوي الإحسان في قابل الأيام، وسيجد فرصة طيبة في مناخ شهر رمضان المفعم بالإيمان، والذي يقبل فيه الناس على الصيام والإطعام، والقيام والصدقة، إضافة لحفظ الجوارح؛ وكبح جماح الشهوة، والقدرة على مجاهدة النفس، وإلزامها طاعة الله للوصول للتقوى التي هي ثمرة الصيام.
ولا يكون الصيام بالامتناع عن الشراب والطعام فحسب؛ بل بالامتناع عن فعل المعاصي، وتقوية الإرادة وتدريب النفس للمجاهدة والنجاح في حفظ الجوارح خصوصا اللسان، بل ومنع النفس عن الوقوع في المنكرات.

جوهرة القصر
August 22nd, 2009, 09:57
روعة الاستقبال للضيف الكريم:
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحسن استقباله عملياً ونفسياً، ويهيء أصحابه لذلك، ويبشرهم بقدومه ويأمرهم بالذكر والدعاء، والصيام، وقيام الليل، وقراءة القرآن، والصدقة، فكان صلى الله عليه وسلم يدعو الله أن يبلغه رمضان، فإذا دخل رجب قال: "اللهم بارك لنا في رجب وشعبان، وبلغنا رمضان" (رواه الطبراني، وكان السلف الصالح يدعون الله أن يبلغهم رمضان ستة أشهر، فإذا بلغهم إياه، دعوا الله أن يتقبله منهم الستة أشهر الأخرى.
وكان يكثر من صيام شعبان كما ورد في الصحيحين، ولا صحة لحديث: "إذا انتصف شعبان فلا تصوموا" أفاده الحافظ ابن رجب، وينبغي علينا التهيؤ والتدرب على الصيام قبل قدوم رمضان؛ حتى لا نشعر بالتعب والمشقة في صيامه.
التهنئة بقدوم رمضان:
كان صلى الله عليه وسلم يبشر أصحابه بقوله: "أيها الناس قد جاءكم شهر مبارك، فرض الله عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب الجنة، وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتغلّ فيه الشياطين" (رواه أحمد، يقول ابن رجب: "هذا الحديث أصل في تهنئة الناس بعضهم بعضاً بشهر رمضان، وكيف لا يبشر المؤمن بفتح أبواب الجنان، كيف لا يبشر المذنب بغلق أبواب النيران، كيف لا يبشر العاقل بوقت تغلّ فيه الشياطين".
وهكذا كان صلى الله عليه وسلم يزف لأصحابه البشرى ويهنئهم بقدوم شهر رمضان؛ كيف لا وهم مقبولون على شهر تغفر فيه الحسنات، وتمحى فيه السيئات وترفع فيه الدرجات، ويفرح الله تعالى بعباده الطائعين، ويزين لهم جنته، و يمدحهم أمام ملائكته.
فالعاقل من جهز نفسه، وهيأها وبحث عن كل طريق للطاعة يسير فيه، وابتعد عن طرق الغواية والمعصية، وحاول نيل رضا الله تعالى، والوصول لتقواه.