المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : صور ومشاهد داخل مدينة الرياض



الرائد7
March 7th, 2009, 15:36
السلام عليكم
تبنت صحيفة سبق مشروعا رائعا ومميزا وهو الكشف عن أحوال المجتمع ( السعودي) داخل بعض أحياء مدينة الرياض, ونحن بدورنا ننقل هذه المعاناة إلى منتدانا ليصل الصوت إلى أبعد مدى
مع شكرنا وتقديرنا لصحيفة سبق على جهودها المباركة..
-
للوهلة الأولى قد يخيّل لغير العارف بالرياض أن حي الفيصلية هو أحد الأحياء الراقية في المدينة، وسيظن أنه حي نموذجي، يُخرج سكانه كل ليلة أكياس نفاياتهم، وتمر به كل صباح حافلات نقل المدارس، وتملأ مساحاته الفارغة الورود والشجيرات. إن هذا هو تأثير الاسم على المستمع، ولكن التأثير الواقعي النابع من رؤية الحي على حقيقته، على النقيض تماماً، فالسكان يكادون يهلكون جوعاً، لذا لا نفايات ليخرجوها، بل إنهم بالأصل لا يمتلكون حاويات لـ (الزبالة) في منازلهم. كما أن معظم أطفال الحي أيتام، فآباؤهم إما تحت التراب أو في السجن لقسطٍ لم يُسدد. وبالتالي فالمدارس هنا أمر ثانوي بالنسبة للأسر، بل إنها في آخر الأولويات لدى عدد من منازل الفيصلية المشغول ساكنوها بتوفير الغذاء والكساء لأبنائهم قبل توفير العلم ومتطلباته.
ترى إلى أي حد يمكن أن تقف هذه الفئات مكتوفة الأيدي؟
وإلى أي مدى سيبقى الإنسان في حي الفيصلية على هامش الوجود؟
إن كان علاج هذا الحي يقضي بفضح بؤسه وإشهار مأساته، فهذا ما سيحدث.
فقد أعدّت "سبق" حلقات تتناول الحي بتفاصيله الخفية وأسرار ساكنيه التي تنطوي على معاناة لا يُفترض أن يتحملها إنسان معاصر، لكنها موجودة وكامنة في مدينة تطمح أن تكون من مدن القرن الحادي والعشرين.


الحلقة الأولى :
للتعفف معنى نبيل، وتصنفه المجتمعات ضمن الطباع الحسنة. لكن في حي الفيصلية فإن التعفف يعني الموت! هكذا تجري الأمور ببساطة. إن لم تسأل الناس فستموت.
ليست هناك "عصابات" تسول في الفيصلية، ولكن هناك متسولين لا خيار أمامهم سواه، فهم لا يتسولون من أجل تغيير ستائر المنزل، أو لسداد فاتورة جوال من الجيل الثالث, بل يتسولون ليأكلوا، أي أنهم يتسولون للحياة.. أو أنهم يتسولون الحياة ذاتها.
تخبرنا (أم إبراهيم) وهي سيدة مهتمة بالأعمال الخيرية، عن قصة سيدة أرملة من ساكنات الفيصلية لديها ابنة وحيدة طالبة، ومستوى المعيشة لدى هذه الأسرة المقطوعة، ليس مصنفاً ضمن خطوط الفقر، بل هو أسفل بكثير من أدنى خطٍ للفقر.
تقول (أم إبراهيم): إن هذه الأم وابنتها تبيتان أياماً بلياليها دون طعام. حتى كسرة خبز جافة لا وجود لها في المسكن العاري من كل شيء. إن الأم الأرملة المستأمنة على حياة طفلتها لن تبحث عن الطباع النبيلة، فيما ابنتها قاب قوسين من الهلاك. لذا فهي تخرج وتسأل الناس وتشحذهم أن يمدوها بما يستطيعون.
التقينا هذه الأم التي كانت حالتها أسوأ بكثير مما وصفت أم إبراهيم. ولم تخف نقمتها على المجتمع، وقالت إنها ساخطة عليه بالكامل، وهي لا تذكر أنه قدم لها شيئاً على الإطلاق. إنها في الحقيقة لا تشعر أنها تعيش في مجتمع.
وصفت لنا حياتها بكثير من الدموع والأسى فقالت: "أتحمل كل ما يعترضني من ظروف في سبيل أن أوفر لابنتي لقمة العيش ورغم معاناتي مع مرض الصرع وبعض الأمراض المزمنة، وكذلك ابنتي أيضاً التي وصل بها الخوف الشديد أن تمشي وتلتفت حولها بكثرة لعدم إحساسها بلحظة أمان وحماية حتى في منزلها، وتعتبر نفسها منقطعة عن الناس فضلاً عن رفض المجتمع لها".
سألتها عن الضمان الاجتماعي فقالت: "هذا الاسم يصيبني بالغثيان لكثرة التعقيدات لديهم وهم لم يتخذوا معي أي موقف، وكذلك جمعية إنسان التي قالت إن أية حالة تحتاج بحث فقلت لهم إنني وعائلتي لا نحتمل بحثكم هذا لأن هناك أطفالاً يموتون ولم نجد لديهم الرغبة في المساعدة"، وأوضحت أن المعونات تأتي ببطء شديد وكأنهم مترفون لا يحتاجونها، وفي الوقت الفاصل الممتد بين طلب المعونة وإجراءاتها وبين وصول المعونة فعلياً تقضيه هذه الأم بالتسوّل وشحذ إنسانية الناس بالشحاذة.
وتضيف: "بعد ذلك ذهبت لجمعية البر ووجدت تعاوناً ولكن قضية البحث وقفت عائقاً مرة أخرى وتحتاج وقتاً طويلاً"، واعترفت الأم أنها لجأت للكذب والادعاءات الباطلة مثل علاج النساء، علها تجد ما يمكن أن يقيم حياتها، لكنها تعود في كل مرة إلى التسوّل من الساعة 12 ظهراً حتى منتصف الليل وهذا هو الحل الوحيد بالنسبة لها، فقد فقدت ثقتها بكل شيء. ولكن هل فقد المجتمع ثقته بنفسه؟ وبمؤسساته الخيرية؟.

الرائد7
March 7th, 2009, 15:38
السلام عليكم

الحلقة الثانية:
تناولت الحلقة الماضية من عرض مآسي حي الفيصلية بالرياض موضوع التسول، من خلال حالة أرملة قالت بوضوح : إن التسول هو ما يبقيها وأبنتها على قيد الحياة.
وفي هذه الحلقة نواصل الحديث عن مأساة التسول من زاوية معلمة تعرف الحي جيداً، كما سنعرض لحالات أخرى تصوّر معاناة فقراء الحي مع الأمراض من جهة؛ ومع علاجها من جهة أخرى، ففي كل خطوة يخطوها فقراء الفيصلية هناك فصل معاناة لا يتوقف.
تقول المعلمة (ن. أ) وهي مطلعة على الحي ومتعاطفة مع أوضاع سكانه : إنها فوجئت بطلب في إحدى النشاطات بأن تقدم محاضرة عن التسوّل في حي الفيصلية.
وتشير المعلمة إلى أنه كان يُطلب منها أن تبيّن مساوئ التسول في تلك المحاضرة كما يراها الراغبون بتثقيف الناس الجوعى. لكنها تصدّت بحزم لهذا الطلب، وأكدت أنها أبداً لن تلقي محاضرة عن التسوّل في حي يعيش معظم سكانه على التسوّل كخيار وحيد ينافس ارتكاب الجرائم أو الوقوع في الرذيلة.
وقالت المعلمة: "لقد رأيت أن التسول هو المنفذ الوحيد لهؤلاء الفقراء والأيتام والنساء الأرامل بعد أن رفضهم المجتمع، ولو توقفن عن التسول فسيترتب على ذلك مضاعفات خطيرة مثل السرقة والزنا وبيع الخمور والمخدرات، وبالتالي فإن التسول هو الأهون".
وأضافت : "أستطيع القول إن اللوم لا يقع على عاتق المتسولين بل على غيرهم، لأن أصحاب المعاناة يرون أنفسهم منبوذين ولا ينظر لهم النظرة الصحيحة التي تعيدهم إلى طبيعة الحياة البشرية الكريمة، ولأنهم مجتمع منغلق على نفسه بشكل كبير جداً ويصعب الولوج إلى أعماقهم التي لا يرغبون بفضحها لمن لا يفعل شيئاً".
ومن مأساة الجوع التي قد يطفئها التسول إلى كارثة المرض التي لن يفيد فيها تسوّل الصحة ، لأن أحداً لن يعطي من صحته لمريض ، وهذه القاعدة تسري على حي الفيصلية ولكن بتعديل طفيف ، فهنا حتى المستوصف الحكومي لن يساعدك على العلاج ، فبعض موظفي مركز الرعاية المتواضع، لا يرون لسكان الفيصلية أية قيمة ، وبالتالي فإن أولئك الموظفين المتهاونين أمنوا العقوبة، ولا شيء يمنع بعد ذلك من إساءة الأدب.
يروي أهالي الحي أن فتاة لدى إحدى الأسر أصيبت بالمرض، فراجعت مركز الرعاية وصُرف لها علاج استعملته ولكن دون جدوى بل أن آلامها ازدادت وحالتها تتجه نحو الأسوأ،وبعد البحث في الأمر وُجد أن طبيبة المركز الصحي تصرف العلاج دون كشف! أي أنها أعطت الفتاة علاجاً وهي لا تعلم في الأصل ما هو مرضها.
وهكذا فقد السكان الثقة في مركزهم، ولا يكادون يلحظون وجوده بعد أن تجاهلوه لأنه بات عيادة للموت لا للحياة. أما مراكز الأحياء المجاورة والتي تتمتع بمتسوى أكثر لياقة قليلاً من مركز الفيصلية فإن الذهاب إليها يتطلب مالاً من أجل المواصلات، خصوصاً وأن المريض الذي يريد المستشفى لن يتمكن من السير مسافة كيلو مترات عدة ليصل إلى مركز صحي. وهنا قد يصبح المرض في بعض الأحيان أهون من العلاج !
وهذا يحدث في حي الفيصلية وسط العاصمة الرياض .

الرائد7
March 7th, 2009, 15:39
السلام عليكم


الحلقة الثالثة:
يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "لو كان الفقر رجلاً لقتلته"، وفي الحقيقة فإن الفقر يستحق القتل ليس لأنه يجعل الإنسان يعيش في بؤس، بل لأنه إلى جانب ذلك يدفع من يبتليه إلى ارتكاب القتل ذاته أو ما دونه من جرائم كالسرقة وترويح المخدرات والأشغال المحظورة الأخرى كالدجل وادعاء المعالجة وما إلى ذلك.
وللأسف فإن عدداً كبيراً من رجال حي الفيصلية أعماهم الفقر عن التفكير السليم فلجؤو في محاولة لتخفيف هذا الواقع القاسي إلى تصنيع وتعاطي الخمور، وكانت تلك عتبة الانطلاقة نحو عالم اللاوعي المليء بالجرائم والمآسي والكوارث الاجتماعية.
في هذه الحلقة التي سبقتها حلقتان عن الفقر المؤدي للتسول الضروري، وعن أزمة العلاج والتداوي في الحي، نتناول واقع المخدرات المتسيّد في حي الفيصلية.
وتواصل المعلمة (ن. أ) سرد مشاهداتها المؤلمة، فتقول: "أُشاهد باستمرار الكثير من المواقف المحزنة والمآسي المؤلمة التي نواجهها، وكثيراً ما تدخل علينا طالبة ليس لديها ما تسد به جوعها. ومنهن نجود -واحدة من فتيات الحي- التي تروي قصتها فتقول: إن أمي مطلقة وكانت تتعاطى المخدرات التي أدمنت عليها والآن هي تقبع داخل السجن ولدينا زوجة أب لاتعرف معنى الرحمة، وهي تجبرنا على التسول وتضربنا بشدة أما أبي والحديث للفتاة فهو يعاقر الخمر على مدى اليوم ولا يلتفت لمعاناتنا وما يهمه فقط هو الحصول على المال لشراء الخمر"، وتؤكد الفتاة: "والدي يعمل (حرامي) فهو يسرق المكيفات ويبيعها بشكل منتظم".
وهنا تتساءل المعلمة من سيلوم تلك الصغيرة عندما تكبر وتصبح سارقة فيما تعيش الآن في كنف أب يمتهن السرقة؟ وقالت إنها رصدت مظاهر محاولات السرقة وحتى التسول في مدرستها وخصوصاً في وقت الفسحة، حيث لا يُستغرب أن تتقاتل فتاتان على قطعة سندويتش، كما لا يستغرب أن تشاهد طالبة تتسول من أخرى، وكل هذا -بحسب المعلمة - من تأثير المنزل والأسرة، والتي تتأثر هي الأخرى بالحي والبيئة والوسط الاجتماعي الذي تعيش فيه، ما ينعكس على تصرفات أطفالها في المدرسة وخارج المدرسة.
ومعظم من يقبض عليهم لتعاطي أو ترويج المخدرات، تكون عملية القبض عليهم بمثابة الصفعة على وجه الأسرة التي يقوم عودها بوجود الأب، حتى وإن كان جزءاً كبيراً من أنشطته غير شرعي. وتضيف : المفترض في مثل هذه الحالات أن تكون هناك رعاية حقيقة لأسر السجناء، وليس رعاية بالاسم عبر المقرات والإعلام واللافتات، التي لا تروي ظمأ أسر الفيصلية ولا تسد رمق جوعهم.يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "لو كان الفقر رجلاً لقتلته"، وفي الحقيقة فإن الفقر يستحق القتل ليس لأنه يجعل الإنسان يعيش في بؤس، بل لأنه إلى جانب ذلك يدفع من يبتليه إلى ارتكاب القتل ذاته أو ما دونه من جرائم كالسرقة وترويح المخدرات والأشغال المحظورة الأخرى كالدجل وادعاء المعالجة وما إلى ذلك.
وللأسف فإن عدداً كبيراً من رجال حي الفيصلية أعماهم الفقر عن التفكير السليم فلجؤو في محاولة لتخفيف هذا الواقع القاسي إلى تصنيع وتعاطي الخمور، وكانت تلك عتبة الانطلاقة نحو عالم اللاوعي المليء بالجرائم والمآسي والكوارث الاجتماعية.
في هذه الحلقة التي سبقتها حلقتان عن الفقر المؤدي للتسول الضروري، وعن أزمة العلاج والتداوي في الحي، نتناول واقع المخدرات المتسيّد في حي الفيصلية.
وتواصل المعلمة (ن. أ) سرد مشاهداتها المؤلمة، فتقول: "أُشاهد باستمرار الكثير من المواقف المحزنة والمآسي المؤلمة التي نواجهها، وكثيراً ما تدخل علينا طالبة ليس لديها ما تسد به جوعها. ومنهن نجود -واحدة من فتيات الحي- التي تروي قصتها فتقول: إن أمي مطلقة وكانت تتعاطى المخدرات التي أدمنت عليها والآن هي تقبع داخل السجن ولدينا زوجة أب لاتعرف معنى الرحمة، وهي تجبرنا على التسول وتضربنا بشدة أما أبي والحديث للفتاة فهو يعاقر الخمر على مدى اليوم ولا يلتفت لمعاناتنا وما يهمه فقط هو الحصول على المال لشراء الخمر"، وتؤكد الفتاة: "والدي يعمل (حرامي) فهو يسرق المكيفات ويبيعها بشكل منتظم".
وهنا تتساءل المعلمة من سيلوم تلك الصغيرة عندما تكبر وتصبح سارقة فيما تعيش الآن في كنف أب يمتهن السرقة؟ وقالت إنها رصدت مظاهر محاولات السرقة وحتى التسول في مدرستها وخصوصاً في وقت الفسحة، حيث لا يُستغرب أن تتقاتل فتاتان على قطعة سندويتش، كما لا يستغرب أن تشاهد طالبة تتسول من أخرى، وكل هذا -بحسب المعلمة - من تأثير المنزل والأسرة، والتي تتأثر هي الأخرى بالحي والبيئة والوسط الاجتماعي الذي تعيش فيه، ما ينعكس على تصرفات أطفالها في المدرسة وخارج المدرسة.
ومعظم من يقبض عليهم لتعاطي أو ترويج المخدرات، تكون عملية القبض عليهم بمثابة الصفعة على وجه الأسرة التي يقوم عودها بوجود الأب، حتى وإن كان جزءاً كبيراً من أنشطته غير شرعي. وتضيف : المفترض في مثل هذه الحالات أن تكون هناك رعاية حقيقة لأسر السجناء، وليس رعاية بالاسم عبر المقرات والإعلام واللافتات، التي لا تروي ظمأ أسر الفيصلية ولا تسد رمق جوعهم.

هلالي القرن
March 7th, 2009, 20:39
شكرا لك يا الرائد7 على طرحك .
اعتقد ان المجتمع فقد ثقته في نفسه .
موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

الرائد7
March 8th, 2009, 02:52
السلام عليكم

الحلقة الرابعة:
لا تتوقف مآسي سكان حي الفيصليلة عند انعدام الدخل، وسوء الوضع الصحي، وبلاء المخدرات الذي ينهش في الحي، وهي المشاكل التي استعرضناها في حلقات سابقة، بل تمتد إلى مأساة السكن التي تتجاور مع المآسي الاجتماعية لتجعل من عوائل الفيصلية، عوائل على هامش الحياة، قد تحيا وتموت دون أن يعرف أفرادها ما معنى راحة البال. فمع كل نسمة هبوب، يضع السكان أيديهم على قلوبهم خوفاً من أن تتطور النسمة إلى عاصفة تقتلع عششهم ومساكنهم المهترئة. ومع كل قطرة مطر تنزل من السماء يصاب معظم سكان الحي بالوجوم خوفاً من أن تتحول هذه النعمة إلى نقمة بالنسبة لهم، ومن يعيش بلا سقف .. سيكره المطر.
تروي (مسعدة) ابنة الحي ذات العشرين ربيعاً ملامح حياتها فتقول: "أنا لا أحمل من اسمي معنى، ولن أجد تلك الحياة التي أحلم بها ومن العبث التفكير بأن يكون لي يوماً ما بيت وزوج وأسرة لأن قدري هو العمل على سد جوع إخوتي الصغار فأنا أسرق أحياناً من المحلات الكبرى قوت اليوم وأعرض نفسي لمواقف سخيفة، أشعر بداخلي أنني أسيء بها لنفسي، ولكن حينما أتذكر صراخ إخوتي الصغار وهم يحتاجون للطعام أمحوا من مخيلتي كل معاني العيب وأتحول إلى راعية للعبث في السرقة والتحايل"، وتواصل مسعدة: "لقد نشأت على ذلك فوالدتي التي تعمل على استعطاف قلوب الناس بأخي المعاق تشجعني على الاستمرار في هذا الاتجاه وإن كان الأمر لا يبدوا مباشراً إلا أنه مقبول. فهي تخرج من الصباح الباكر إلى الطرقات الرئيسية وتدفع بعربة شقيقي المعاق لتشحذ المال بدعوى شراء الدواء له فيما هو يلتزم الصمت طيلة الوقت رغم أنه يحتاج إلى تأهيل أكثر من علاج، وهكذا كل منا يتبع الذي يليه لذلك كبر العبث في دواخلنا ونشعر أحياناً كثيرة أن المجتمع أعرض عنا ولم يقدم لنا يد المساعدة".
وتشاطرها المعاناة شقيقتها عائشة (22عاماَ) وهي أرملة وأم لطفلين إذ تقول إنها اقترنت برجل غير سعودي وتوفي منذ نحو عامين ولم تستطع تأمين لقمة العيش لأبنائها، تقول عائشة: "أعيش منذ ذلك الحين على مهنة التسول مع أطفالي عند الإشارات لأجل أن نأكل، سبق لي أن تعرضت للسجن أكثر من مرة ولم أجد أحداً يقدّر أو يفهم معاناتي ووضع أطفالي وليس من المنطق أن ارمي بهم في الشارع لأنهم غير سعوديين".
قد يتساءل القارئ، هل يصح أن تغيب المؤسسات الخيرية والإنسانية عن هؤلاء الذين يعيشون في واقع لا يليق بمجتمع مسلم، ويقعون تحت وطأة القهر الدائم؟ والجواب عند أهل الحي أنفسهم الذين عرفوا النتيجة من التجربة فلم يعودوا يكلفوا أنفسهم عناء طلب المعونة من المؤسسات الخيرية، فتلك المؤسسات - حسب قولهم - تنحصر أعمالها على تكوين اللجان المنبثقة عن لجان أخرى، وهكذا في سلسلة من اللجان لا تنتهي عند شيء.
وقال عدد من السكان إن المساعدات العينية من مواد غذائية وملابس بالية تصلهم بشق الأنفس وأن هناك مسؤولين في المؤسسات الاجتماعية لا هم لهم سوى دراسة الأوضاع وإيجاد لجان تنبثق عنها توصيات لتشكيل لجان أخرى متفرعة للتباحث في كيفية حل معاناة سكان الحي، وهكذا تستفحل المعاناة أثناء دراستها إلى حد توصي فيه آخر لجنة بإقفال الملف لعدم تواؤم الإمكانيات مع البؤس الذي يعيشه الحي، وعندها فقط يقررون ما إذا كان يجب رفع تقرير بحالة الحي إلى جهات الاختصاص.
وحول الجمعيات الخيرية يقول السكان إن موظفيها أساتذة في المماطلة، وحتى إن أعطوا فإن عطاءهم لا يكفي أسرة يمتلئ منزلها بالعشرات من الأطفال والأرامل والمطلقات.

دايم الجرح
March 9th, 2009, 17:20
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

اخي الكريم الرائد
يستحق التثبيت ليعلم الناس مأسى بعض الناس فاما يقنع بما عنده او يزهد بماعند الاخرين .