المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أسباب تأخر النصر



الرائد7
April 26th, 2008, 19:56
السلام عليكم
يقول سيد قطب رحمه الله تعالى " لقد شاء الله تعالى أن يجعل دفاعه عن الذين آمنوا يتم عن طريقهم هم أنفسهم كى يتم نضجهم هم فى أثناء المعركة . فالبنية الإنسانية لا تستيقظ كل الطاقات المذخورة فيها كما تستيقظ وهى تواجه الخطر ، وهى تدفع وتدافع ، وهى تستجمع كل قوتها لتواجه القوة المهاجمة .. عندئذ تتحفز كل خلية بكل ما أودع فيها من استعداد لتؤدى دورها ، ولتتساند مع الخلايا الأخرى فى العلميات المشتركة ، ولتؤتى أقصى ما تملكه وتبذل آخر ما تنطوى عليه ، وتصل إلى أكمل ما هو مقدور لها وما هى مهيأة له من الكمال .
والأمة التى تقوم على دعوة الله فى حاجة إلى استيقاظ كل خلاياها ، واحتشاد كل قواها ، وتوفر كل استعدادها ، وتجمع كل طاقاتها ، كى يتم نموها ويكمل نضجها ، وتتهيأ بذلك لحمل الأمانة الضخمة والقيام عليها .
والنصر السريع الذى لا يكلف عناء ، والذى يتنزل هيناً ليناً على القاعدين المستريحين ، يعطل تلك الطاقات عن الظهور ، لأنه لا يحفزها ولا يدعوها .
وذلك فوق أن النصر السريع الهين اللين سهل فقدانه وضياعه . أولاً لأنه رخيص الثمن لم تبذل فيه تضحيات عزيزة . وثانياً لأن الذين نالوه لم تدرب قواهم على الاحتفاظ به ولم تشحذ طاقاتهم وتحشد لكسبه . فهى لا تتحفز ولا تحشد للدفاع عنه .
وهناك التربية الوجدانية والتربية العملية تلك التى تنشأ من النصر والهزيمة ، والكر والفر ، والقوة والضعف ، والتقدم والتقهقر . ومن المشاعر المصاحبة لها .. من الأمل والألم . ومن الفرح والغم ، ومن الاطمئنان والقلق .. ومن الشعور بالضعف والشعور بالقوة .. ومعها التجمع والفناء فى العقيدة والجماعة والتنسيق بين الاتجاهات فى ثنايا المعركة وقبلها وبعدها وكشف نقط الضعف ونقط القوة ، وتدبير الأمور فى جميع الحالات .. وكلها ضرورية للأمة التى تحمل الدعوة وتقوم عليها وعلى الناس .
من أجل هذا كله ، ومن أجل غيره مما يعلمه الله .. جعل الله دفاعه عن الذين آمنوا يتم عن طريقهم هم أنفسهم ؛ ولم يجعله لقية تهبط عليهم من السماء بلا عناء.
والنصر قد يبطىء علي الذين ظُلموا وأُخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا : ربنا الله . فيكون هذا الإبطاء لحكمة يريدها الله .
قد يبطئ النصر لأن بنية الأمة المؤمنة لم تنضج بعد نضجها ، ولم يتم بعد تمامها ، ولم تحشد بعد طاقاتها ، ولم تتحفز كل خلية وتتجمع لتعرف أقصى المذخور فيها من قوى واستعدادات . فلو نالت النصر حينئذ لفقدته وشيكاً لعدم قدرتها على حمايته طويلاً !
وقد يبطئ النصر حتى تبذل الأمة المؤمنة آخر ما فى طوقها من قوة وآخر ما تملكه من رصيد فلا تستبقى عزيزا ولا غالباً ، لا تبذله هنيئأ رخيصاً فى سبيل الله .
وقد يبطئ النصر حتى تبذل الأمة المؤمنة آخر ما فى طوقها من قوة ، وآخر ما تماكه من رصيد ، فلا تستبقى عزيزاً ولا غالياً ، لا تبذله هيناً رخيصاً فى سبيل الله .
وقد يبطئ النصر حتى تجرب الأمة المؤمنة آخر قواها ، فتدرك أن هذه القوى وحدها بدون سند من الله لا تكفل النصر . إنما يتنزل النصر من عند الله عندما تبذل آخر ما فى طوقها ثم تكل الأمر بعدها إلى الله .
وقد يبطئ النصر لتزيد الأمة المؤمنة صلتها بالله ، وهى تعانى وتتألم وتبذل ، ولا تجد لها سندا إلا الله ، ولا متوجهاً إلا إليه وحده فى الضراء . وهذه الصلة هى الضمانة الأولى لاستقامتها على النهج بعد النصر عندما يتأذن به الله . فلا تطغى ولا تنحرف عن الحق والعدل والخير الذى نصرها به الله .
وقد يبطئ النصر لأن الأمة المؤمنة لم تتجرد بعد فى كفاحها وبذلها وتضحياتها لله ولدعوتها فهى تقاتل لمغنم تحققه ، أو تقاتل حمية لذاتها ، أو تقاتل شجاعة أمام أعدائها . والله يريد أن يكون الجهاد له وحده وفى سبيله ، بريئاً من المشاعر الأخرى التى تلابسه . وقد سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم – الرجل يقاتل حمية والرجل يقاتل شجاعة والرجل يقاتل ليرى .
فأيها فى سبيل الله فقال : (( من قاتل لتكون كلمة الله هى العليا فهو فى سبيل الله )) [رواه الشيخان] .
كما قد يبطئ النصر لأن فى الشر الذى تكافحه الأمة المؤمنة بقية من خير ، يريد الله أن يجرد الشر منها ليتمحض خالصاً ، ويذهب وحده هالكاً ، لا تتلبس به ذرة من خير تذهب فى الغمار!

وقد يبطئ النصر لأن الباطل الذى تحاربه الأمة المؤمنة لم ينكشف زيفه للناس تماماً . فلو غلبه المؤمنون حينئذ فقد يجد له أنصاراً من المخدوعين فيه ، لم يقنعوا بعد بفساده وضرورة زواله ، فتظل له جذور فى نفوس الأبرياء الذين لم تنكشف لهم الحقيقة . فيشاء الله أن يبقى الباطل حتى يتكشف عارياً للناس ، ويذهب غير مأسوف عليه من ذى بقية !
وقد يبطئ النصر لأن البيئة لا تصلح بعد لاستقبال الحق والخير والعدل الذى تمثله الأمة المؤمنة . فلو انتصرت حينئذ للقيت معارضة من البيئة لا يستقر لها معها قرار . فيظل الصراع قائماً حتى تتهيأ النفوس من حوله لاستقبال الحق الظافر ، ولاستبقائه ! ( قلت : وهذا هو سبب الإختيار لمنهج التربية ودعوة الناس ، دون مناهج التغيير الأخرى كالإنتخابات أو قلب أنظمة الحكم أو غيرها ..

من أجل هذا كله ، ومن أجل غيره مما يعلمه الله ، قد يبطئ النصر، فتتتضاعف التضحيات ،
وتتضاعف الآلام . مع دفاع الله عن الذين آمنوا وتحقيق النصرؤ لهم فى النهاية .
وللنصر تكاليفه وأعباؤه حين يتأذن الله به بعد استيفاء أسبابه وأداء ثمنه ، وتهيؤ الجو حوله لاستقباله واستقبائه :
{ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ } ..
فوعد الله المؤكد الوثيق المتحقق الذى لا يتخلف هو أن ينصر من ينصره .. فمن هم هؤلاء الذين ينصرون الله ، فيستحقون نصر الله ، القوى العزيز الذى لا يهزم من يتولاه ؟ إنهم هؤلاء :
{ الذين إن مكناهم فى الأرض } .. فحققنا لهم النصر ، وثبتنا لهم الأمر .. { أَقَامُوا الصَّلَاةَ أَقَامُوا الصَّلَاةَ } .. فعبدوا الله ووثقوا صلتهم به ، واتجهوا إليه طائعين خاضعين مستسلمين .. { وَآتَوُا الزَّكَاةَ } .. فأدوا حق المال ، وانتصروا على شح النفس ، وتطهروا من الحرص ، وغلبوا وسوسة الشيطان ، وسدوا خلة الجماعة ، وكفلوا الضعاف فيها والمحاويج ، وحققوا لها صفة الجسم الحى – كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : (( مثل المؤمنين فى توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى )) .. { وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ }.. فدعوا إلى الخير والصلاح ، ودفعوا إليه الناس .. { وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ }.. فقاوموا الشر والفساد ، وحققوا بهذا وذاك صفة الأمة المسلمة التى لا تبقى على منكر وهى قادرة على تغييره ، ولا تقعد عن معروف وهى قادرة على تحقيقة ..
هؤلاء هم الذين ينصرون الله ، إذ ينصرون نهجه الذى أراده للناس فى الحياة ، معتزين بالله وحده دون سواه ، وهؤلاء هم الذين يعدهم الله بالنصر على وجه التحقيق واليقين .

ابوعبدالمجيد
April 26th, 2008, 21:55
رحم الله الشيخ سيد قطب رحمة واسعة واسكنه فسيح جناته

نسأل الله العظيم ان يكتب لنا النصر وان نراه حقيقة واقعة


بارك الله فيك اخي الرائد على النقل


تقديري لك

عابر سبيل
April 26th, 2008, 22:30
اسال الله ان يرحم جميع موتا المسلمين

سيد قطب كان له دور عظيم في نصر الدين

ولكن هل لنا دور في نصر الدين

سؤال يبحث عنه كل شخص مع نفسه

اسال ان يجعل عملنا هذا نصر للدين وان يرزقنا

الاخلاص ومتابعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم

شكر اخي رائد7 على هذا الموضوع الجميل

ابو محمد
April 27th, 2008, 07:51
إذا اردنا النصر فالنصلي الفجر

بارك الله فيك اخي الرائد7 على الموضوع

تقبل تقديريض24

الرائد7
April 27th, 2008, 13:09
السلام عليكم
بارك الله فيكم جميعا إخوتي..
ابن البلد / عابر سبيل / صقر نجد
وأسأل الله أن يعيننا على كل خير