المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بعوض معدل وراثياً ضد حمى الضنك



ورود الشوق
August 16th, 2012, 01:09
دويتشه ﭭيله : قامت البرازيل بتعديل جينات بعوضة حمى الضنك لمكافحة الحمى المدارية، ورغم قطع نسل البعوض المعدل جينياً وتنفيذ الاختبارات العملية في قريتين، يصعب التكهن بالعواقب البيئية لذلك. علوم وتكنولوجيا

http://www.dw.de/image/0,,16127381_401,00.jpg

تتشابه أعراض وعلامات حمى الضنك التي تنقلها البعوضة المصرية مع أعراض الحمى العادية من قشعريرة و صداع وآلام في الأطراف مصاحبة بطفح جلدي، بحيث تستمر في غالبية الأحيان لمدة لا تتجاوز الأسبوع. لكن ذلك لا ينفي وجود حالات صعبة تصيب ما يقارب نصف مليون شخص سنوياً تودي في بعض الأحيان بحياتهم. والخطير في الأمر أن نسبة انتشار هذا النوع من الحمى قد ارتفعت بشكل ملحوظ في العقود الأخيرة، فهو متواجد حتى في أوروبا.

ففي عام 2010 في ألمانيا على سبيل المثال, تم تشخيص أكثر من 600 مصاب عائد إلى أرض الوطن. و يشير يوناس شميت شانازت من معهد برهارد نوخت للطب الاستوائي في هامبورغ إلى أن:" عدد الحالات غير المسجلة أعلى بكثير وأنا أعني بذلك عشرة أمثال الحالات غير المسجلة"، إضافة إلى ذلك تم في العام ذاته تسجيل نقل المرض إلى فرنسا و كرواتيا للمرة الأولى.

منبت الشر

http://www.dw.de/image/0,,6628212_4,00.jpg
تكثر حمى الضنك في الأحياء الفقيرة كتلك المنتشرة في مدينة ساو باولو

إنها جذابة المنظر، إذ تسحر الرائي بسوادها الحالك المطعم بنقط بيضاء. اسمها العلمي إيدس أيجبتي وهي بعوضة تحمل في طياتها عدداً كبيراً من الفيروسات ويعتبر الناقل الأساسي للحمى الصفراء، لذا فقد لعبت دوراً شريرا في حياة البشر. ففي الحرب الاسبانية الأمريكية عام 1898 راح العدد الأكبر من الجند ضحية عدوى الحمى الصفراء و ليس رصاص العدو. و على خلاف الأخيرة، لا يوجد لقاح مضاد لحمى الضنك.

حتى محاولة استئصال هذه البعوضة بتجنيد الحشرات الأخرى للقضاء عليها باءت بالفشل. ولذا قامت البرازيل من خلال حملات توعية بتنبيه مواطنيها إلى ضرورة غسل الحمامات التي يندر استخدامها وعدم رمي إطارات السيارات المستعملة وتجنب أسطح المياه الراكدة، حيث تستوطن يرقات البعوض إضافة إلى البرك والأحواض الصخرية والأكواب، فحتى مجرد ملعقة صغيرة من الماء تكفيها لوضع بيضها.

التعديل الجيني

http://www.dw.de/image/0,,16125545_401,00.jpg

هل يحد مشروع إطلاق 4 ملايين بعوضة معدلة جينياً كل أسبوع من انتشار حمى الضنك؟

قام باحثو شركة أوكزيتك البريطانية بتربية بعوض معدل جينياً، بحيث تكون الحيوانات المنوية لدى ذكور هذه الحشرات غير قادرة على إنتاج جيل قابل للحياة. وبعد إتمام عملية التزاوج ووضع البيض كالمعتاد تواجه البيوض تحديات تؤدي بيولوجياً إلى موتها، عندما تتحول مثلا إلى يرقات في وقت مبكر أو متأخر.

و قد قامت أوكزيتك بإطلاق هذا النوع من البعوض ميدانياً بنجاح في جزر كايمان و ماليزيا ليتشجع بذلك المعمل الحيوي البرازيلي موسكيمد للانضمام للمشروع في عام 2011. ففي منطقة باهيا البرازيلية النائية تنتشر حمى الضنك بشكل واسع أكثر من أي مكان آخر.

تشير مارغريت كابورو، عالمة الأحياء في جامعة ساو باولو ومنسقة مشروع " بعوض ايديس المعدل جينياً" إلى أن البرازيل هي أكثر البلدان إنتاجاً للبعوض. ويتم لهذا الغرض تربية ما يزيد على 550.000 بعوضة معدلة جينياً أسبوعياً ومن ثم إطلاقها في منطقتي الاختبار في المدينة. و النتيجة إيجابية، إذ لاحظ العلماء تدهوراً حاداً في أعداد البعوض بنسبة تصل إلى 90 بالمائة بعد 6 أشهر من إطلاق البعوض المعدل جينياً.

في المستقبل ينبغي إطلاق 4 ملايين بعوضة معدلة جينياً أسبوعياً، وتنظيف مناطق أخرى في البلاد من الوباء وعلى رأسها جاكوبينا التي يقطنها 80.000 شخص. و تضيف كابورو قائلة:"سنطلق فقط صغار ذكور البعوض المتميزين بعدم قدرتهم على اللدغ، لكنهم يتمون عملية نقل الجين المميت إلى حضانة البعوض".


تحفظّات بيولوجية و فيروسية
رغم تأكيدات إدارة موسكميد على سلامة هذه التجربة وعدم إضرارها بالنظام البيئي، يشك عالم الفيروسات شميت شانازت في ذلك موضحاً :" البعوضة المصرية موجودة منذ آلاف السنين في البرازيل وهي مندمجة في النظام البيئي". الأمر الذي يعني أنها أصبحت جزءاً لا يتجزأ من السلسلة الغذائية في البرازيل، مذكراً بأن تأثيرات الهندسة الوراثية غير واضحة حتى الآن على حد قوله.

إضافة إلى ذلك، يبدي شميت شانازت شكوكه حول فعالية هذه الطريقة على المدى البعيد, فيقول:" الفيروس شديد التغير ويستطيع التلاؤم مع أنواع أخرى من البعوض". فإلى الآن يعتبر ايديس أجيبتي الناقل الأكثر شيوعاً لحمى الضنك و لكن ليس الوحيد. إلا أن عالمة الأحياء كابورو لا تشاطره الرأي، إذ أن احتمالية حصول تعديل ذاتي للفيروس أو نقله إلى بعوضة أخرى معدومة عملياً حسب اعتقادها.

و رغم مخاوف شميت شانازت من إطلاق فصيلة معدلة جينياً من البعوض في الطبيعة، فإن نتائج هذه المحاولة تحمسه، إذ يقول:" في حالة نجاح هذا المشروع, سيتم اعتباره مثالاً يُقتدي به في بلاد تعاني من انتشار أمراض بطرق مماثلة كالملاريا".