المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الكلباني: هل من الحكمة أن نفكر بعقليات مضى عليها مئات السنين ؟



اصداااء قفصة
April 28th, 2011, 09:58
في عصر التقنية والاتصالات ..
هل من الحكمة أن نفكر بعقليات مضى عليها مئات السنين ؟

الشيخ عادل الكلباني

الرياض - حب السلف الصالح وتقديرهم وحفظ مكانتهم منطلق من حب الله ورسوله ودينه ، واتباعهم بإحسان لهم من الفضل والمناقب بحسب قربهم ، وبعدهم من منهجهم .

ومفهوم السلف الصالح بناء على مدلول المفردة اللغوي يعني كل من سبق ، وإن قرب عهده .

وقد تقرر عند أبناء المدرسة السلفية أن فهم السلف الصالح وتطبيقهم للشريعة هو أهم السبل للفهم الصحيح للقرآن والسنة ، وذلك لقربهم من الوحي ، ومشاهدتهم التنزيل ، وسليقتهم العربية من غير معالجة للسان ولا أطرٍ له .

واشتهرت فينا الكلمة التي تقول ( كتاب وسنة على فهم السلف الصالح ) ، وهذه العبارة لا تعني بالسلف الواحد أو الاثنين أو جماعة ، مهما كثروا ، وإنما تعني ما اتفقت عليه كلمتهم من غير خلاف يذكر . وقد تقرر في علم الأصول أن الإجماع لا ينعقد بخلاف الواحد من المجتهدين ، وإن خالفه بقية مجتهدي الأمصار.

وعلى هذا الأصل فلا يصح أن يحاج أحد بقول واحد من السلف ، ولا حتى جماعة منهم ، مهما عظم قدرهم ، كما نص جمهور علماء الأصول أنه لا تقوم الحجة باتفاق علماء الحرمين ، ولا علماء البصرة والكوفة ، ولا باتفاق أرباب المذاهب الفقهية الأربعة ، التي يدين بها المسلمون في أطراف الأرض ، بل حتى الخلفاء الأربعة الذين أمرنا باتباع سنتهم لا يعد اتفاقهم على رأي ما حجة ملزمة ، وذلك لأن الله لم يضمن العصمة إلا باتفاق الأمة مجتمعة .

وعليه فكل قول أو فعل أثر عن آحاد السلف فإنه يجب أن يكون موضع بحث ونقد ، لا موضع تسليم وانقياد ، ويجب أن يخضع للاختبار المحتمل للقبول والرد ، مع حفظ المكانة العلياء لهم .

وثمة آثار نقلت عن السلف الصالح في بطون الكتب ، بلا زمام ، ولا خطام ! فإذا كان الحديث النبوي الشريف قد دخل فيه المكذوب ، والضعيف ، وما لا يصح روايته ، ولا الاعتماد عليه ، فإن ما نقل عن السلف لا يسلم من أن يدس فيه ما ليس منه ، ولذا يجب عدم قبول هذه الآثار مالم يكن لها سند صحيح .

ومن جمهور الكتاب والمؤلفين ممن يفاخر باتباع السلف ، من يخالف هذا الأصل ، فحيث رأى من آثارهم ما يصادف شيئا في نفسه طار به كل مطار ، وهذا لا يعني أن يكون شرطا في كل ما يذكر معرفة إسناده ودراسته إلى قائله ، وإنما يشترط هذا في كل ما يراد من ورائه الوصول إلى موقف أو رأي ما ، وأخذ الدروس والعبر ، دون ما يراد به الموعظة والتذكير ، كما هو متقرر في علوم الحديث.

ومما يغفل عنه أن طائفة كبيرة من آثار السلف ، وأقوالهم ، ومواقفهم لم تكن منهجا ولا قاعدة عامة ، تطرد في كل زمان ومكان ، وإنما كانت مواقف لها ظروفها الخاصة ، ودواع معينة ، تطلبت ذاك الموقف ، أو تلك الكلمة المأثورة .

ومع أن ما أثر عن آحادهم غير ملزم لأحد كما تقدم فإنه من المهم جدا أن نعرف سبب ورود تلك الكلمة ، أو صدور ذاك الموقف ، وحيث جاءنا الخبر مبتورا عن سببه فإنه يظل مستغلقا ، فيه إجمال يحول دونه ودون فهمه جيدا.

وقريب من هذا أن كل عصر له مؤثراته على ثقافات الشعوب وعقلياتهم، والظروف السياسية والاجتماعية التي يعيشها الناس هي التي تصنع مواقفهم ، وتحدد الطريق الذي يجب سلوكه .

واستعراض التاريخ يدل على وجود تفاوت كبير جدا بين ثقافات المتقدمين والمتأخرين ، ويظهر ذلك حتى في مؤلفاتهم وطريقة عرض العلم ! فمثلا لما ألف البخاري كتابه " التاريخ الكبير" رآه بعض شيوخه ، فكاد يجن من تميز أسلوبه ، حتى قال : هذا سحر!!. مع أن كتاب البخاري هذا وإن وجد في رفوف المكتبات لتزيينها أو لكونه موروثا إسلاميا ، فلا تكاد أيدي الباحثين تصل إليه إلا من باب كثرة المصادر فقط ، وبالمقارنة مع كتاب " تهذيب التهذيب " للحافظ ابن حجر الذي جاء بعده بمئات السنين لا يساوي كتاب التاريخ شيئا .

فليس من اتباع السلف في شيء أن نجتر ماضيهم بعجره وبجره وحلوه ومره ، ونحن نعيش في عصر الذرة والانترنت ، والصواريخ عابرات القارات ، والطائرات بدون طيار!!! ولا من العقل أن نفكر بعقليات مضى عليها مئات السنين ، في عصر التقنية والاتصالات ، ورقمية المعلومات .

إن لكل زمان فقهه ومواقفه ، والمنهج الصحيح للتأسي بالسلف الصالح ألا نجمد على آرائهم ومواقفهم ، بل نفكر كما فكروا ، ونجتهد لزماننا كما اجتهدوا لزمانهم ، ونتعامل مع معطياتنا كما تعاملوا مع معطياتهم .

ومن الروائع التي أثرت عن علمائنا أن ابن القاسم صاحب الإمام مالك اتخذ كلبا يحرس حائطه ، فقيل له : إن مالكا لم يكن يرى هذا . فقال : لو كان مالك حيا اليوم لاتخذ أسدا هصورا. ومما له تأثير في صناعة مواقف السلف ، بشريتهم ، فهم بشر مثلنا ، لهم نزعاتهم وانفعالاتهم ، وحظوظهم النفسية ، ولا أدل على ذلك من قوله تعالى في خير الناس ( منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة ) .

فهذا مالك الإمام ، في حالة انفعال وغضب ، يصف إماما كبير في العلم مثل محمد ابن إسحاق بأنه دجال من الدجاجلة !!! بسبب أن ابن إسحاق قال : ائتوني بعلم مالك فأنا بيطاره .

وقد لقي ابن إسحاق موقفا آخر لا يقل صرامة عن موقف مالك ، فقد غضب منه هشام بن عروة لما سمع أنه يحدث عن زوجته فاطمة بنت المنذر ، واتهمه بالكذب.

والحق أن كثيرا من المأثور عن السلف يسيء إلى الأخلاق الإسلامية ، كتلك المقالات التي تصف فلانا من الناس بأنه أضل من حمار أهله ، أو أنه لا يساوي بعرة ، والله يقول ( وقولوا للناس حسنا ) .

وكم تشدق كثيرون بفعل مالك وقوله للسائل عن الاستواء ، وما أراك إلا صاحب بدعة ، أخرجوه . وكم تساءلت : لم لم يجلسه ويناقشه ويبين له ، وإن كان صاحب بدعة حقا ، لماذا لم يكن مجالا خصبا للدعوة والحوار ، وبيان الحق كما في حديث معاوية بن الحكم ، حيث قال : بأبي هو وأمي ، لم أر معلما أحسن منه ، فوالله ما كهرني ، ولا نهرني .

إنا ننتقي من المأثور عن السلف المواقف التي لا تساهم في نهوض أمتنا من الوحل الذي غرقت فيه ، فنتوخى الغليظة التي تنفر الناس ، وننسى مواقف كثيرة كانت منارات سامقات في الخلق ولين الجانب ، ونتبنى مواقف سيطر عليها الجمود ، وننسى مواقف أخرى مشعة بالإبداع والتفكير.

لقد كان الإمام الشافعي فقيها لا يشق له غبار، فصار المتفقهة على طريقته لا يحصون، لكنه كان في الوقت نفسه طبيبا خرِّيتا. وكان ابن النفيس فقيها عالي الكعب ، لكنه أيضا كان طبيبا حاذقا ، وكان ابن تيمية عالما طبَّق علمه الآفاق ، لكنه كان أيضا فيلسوفا ، ومجاهدا ومصلحا ، ولم يغرق في بطون الكتب .

إننا نأخذ مما أثر عن السلف ما يجهز على العقل ، ويزرع في النفس الخمول ! إننا نبرر الفشل الذي منينا به حتى صار قناعة، لقد هربنا من الحياة ومحاولة إصلاح الدنيا بحجة أن السلف كانوا يعتزلون الدنيا رغبة في الآخرة.

إن جانبا مهما من تاريخنا العريق أهيل عليه التراب لتبقى أمتنا تغط في نوم عميق ، فلا نكاد نسمع من يذكرنا بجابر بن حيان ، ولا بابن الهيثم ، ولا بابن سينا ، ولا بابن البيطار ، ولا بالمراصد الفلكية في بغداد ، ومكتبة الحكمة التي أنشأها هارون الرشيد ، وكانت تضم العلوم والمعارف المختلفة ، وحيث ذكروا تسل عليهم السيوف وتسلط عليهم الألسن بالنقد الحاد، والتجريح والتحذير ، وللحديث بقية ،،،

حليمة المرزوق
April 28th, 2011, 13:34
كل عصر له مؤثراته على ثقافات الشعوب وعقلياتهم

ومع هذا كان صيفنا الماضي ساخنا
وكانت اطروحات بعض علمائنا ساخنة بيتهم
بغض النظر عن الفصال الإعلامي - وقتها


مالك الإمام ، في حالة انفعال وغضب ، يصف إماما كبير في العلم مثل محمد ابن إسحاق بأنه دجال من الدجاجلة !!! بسبب أن ابن إسحاق قال : ائتوني بعلم مالك فأنا بيطاره

اصداااء ،،
ارجو تقبل مروري
ولكم كريم التحية والتقدير