المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بلجيكا.. أُنبوب نقل الأزمة



محمد بن سعد
January 22nd, 2011, 11:00
بلجيكا .. أُنبوب نقل الأزمة


الطريق السياسي المسدود في بلجيكا منذ أمد طويل، ما زال مستمرا على حاله، ومما يفاقم القلق علائم بلوغ أزمة الديون السياديّة إلى هذا البلد، الذي يُعدّ قلب الاتحاد النقدي الأوروبي. بالفعل، منذ تشرين الثاني (نوفمبر)، قفزت العلاوة التي يطلبها المستثمرون لشراء السندات الحكومية البلجيكية لـ عشرةأعوام بدلا من الورقة المالية الألمانية المرجعية إلى مرتفعات غير مشهودة منذ بدايات التسعينيات. حقيقةً، تظل العلاوة دون تلك المطلوبة لشراء الديون اليونانية أو الإيرلندية أو البرتغالية وحتى الإسبانيّة. لكن الأسواق المالية بدأت النظر إلى بلجيكا كقناة قد تتدفق الأزمة من خلالها، من أطراف منطقة اليورو إلى الدول التي في القلب.

في العديد من الأبعاد، ذاك ليس معقولا، اقتصاد بلجيكا مزدهر وتنافسي، لأكثر من 20 عاما ظلت المالية العامة منضبطة. الحساب الجاري يفيض بثبات. الدين العائلي يعد ضمن المستويات الأدنى في منطقة اليورو. على العكس من اليونان، لم تعمد بلجيكا إلى تزوير بياناتها الرسميّة، وعلى العكس من إيرلندا وإسبانيا، لم تعاني من فقاعة إسكان، وعلى العكس من البرتغال، ستوّلد نموا اقتصاديا متينا هذا العام. إن هناك، على أي حال، بعض الضعف. على الرغم من أن الدين العام أبعد ما يكون عن ذروته في 1993 عندما بلغ 133.5 في المائة من الدخل المحلي الإجمالي، فقد تسببت الأزمة المالية في ارتفاعه من 84.2 في المائة في 2007 إلى نحو 100 في المائة اليوم. النظام المصرفي ما زال يتعافى من عاصفة 2008 التي فرضت تقسيم بنك فورتيس وتقديم مساعدة مالية من الدولة لبنكي دكسيا وكي بي سي؛ مما يثير القلق بالذات الانكشاف العالي للبنوك البلجيكية إزاء الديون السياديّة.

لكن المشكلة الرئيسة هي الشلل السياسي الذي يكتنف بلجيكا منذ انتخابات حزيران (يونيو) الماضي. لقد مضت سبعة أشهر على المفاوضات العقيمة لتشكيل حكومة؛ مما خلق تصورا بأن الأطراف البلجيكية الناطقة بالهولندية والفرنسية غير راغبة أو غير قادرة على تجاوز خلافاتها. إن إجراء انتخابات جديدة لن يفي بالغرض؛ لأنها ستعزز قوة حزب إن - في إيه القومي الفلمنكي في الفلاندرز، وقوة الحزب الاشتراكي الفرانكفوني في والونيا، وبالتالي التنافر الإيديولوجي واللغوي في بلجيكا قاطبة.

المخاطر تأكدت الأسبوع الماضي عندما طلب الملك ألبير الثاني، عاهل دستوري لا يفترض فيه لعب دور سياسي بارز، تشديد التخفيضات في موازنة 2011 لتهدئة أسواق السندات. تدخله يُظهر مدى تزايد لجوء بلجيكا إلى ممارسات غير تقليدية للحفاظ على صورتها العلنية. إن لم يكن لأجل بلجيكا، فلأجل منطقة اليورو، آن أوان توقف الساسة عن التشاجر والانصراف إلى تشكيل الحكومة.

المصدر : الاقتصادية