المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : النفط يلهب أسعار سلع العالم (حتى البازلاء الصينية)



محمد بن سعد
January 22nd, 2011, 10:53
حتى أسعار البازلاء في الصين
النفط يلهب أسعار كل السلع في العالم


http://www.aleqt.com/a/494670_144852.jpgأطلق الرئيس الإندونيسي سوسيلو بامبانغ يودهويونو حملة وطنية لتشجيع أبناء بلده على زراعة ما يستهلكونه من الفلفل الحار. ودفعت حكومة كوريا الجنوبية إمدادات طارئة من الملفوف وسمك المكريل والفجل وغيرها من السلع، كجزء من الحرب التي يشنها الرئيس لي ميونغ ـــ باك على التضخم. وفي هذا الأسبوع عقد مجلس الوزراء الهندي اجتماعاً لبحث ارتفاع أسعار البصل، الذي يقال إنه كان السبب في سقوط إدارتين سابقتين. وكما حدث في 2007 و2008، انتقل موضوع تضخم أسعار الغذاء ـــ حتى الأمن الغذائي ـــ ليتصدر الأجندة السياسية. لقد أحدث شبح التضخم جلبة في أوساط المستثمرين. انخفضت سوق الأسهم الهندية بنسبة 5 في المائة منذ بداية العام. وانخفضت الأسهم الإندونيسية التي كانت من بين الأسهم الأفضل أداء في 2010 بنسبة 7 في المائة في بضعة أيام. البنوك المركزية في مأزق. وبسبب الخوف من أن يعمل ارتفاع أسعار الفائدة على جذب مزيد من الأموال سريعة الحركة إلى البلد، أبقى البنك المركزي الإندونيسي أسعار الفائدة دون تغيير للشهر 17 على التوالي. وقد عزز تلك المخاوف أن حصان السياسة النقدية الإندونيسي ربما كان يعدو على مسافة بعيدة خلف عربة التضخم. في الصين أيضاً، فإن أسعار الغذاء المرتفعة تغذي التضخم الذي بلغ معدله 5 في المائة في تشرين الثاني (نوفمبر)، وهو أعلى كثيراً من المعدل المستهدف بنسبة 3 في المائة. وتمثل أحد التدابير غير المتشددة التي اتخذتها الحكومة الصينية لمواجهة التضخم، في السماح لشاحنات الخضار بالسير على الطرق العامة من دون دفع أيةً رسوم ـــ وهو نوع من التخفيف الكمي بالنسبة للجزر والباذنجان. إضافة إلى المخاوف المباشرة من التضخم، فإن السؤال الحقيقي هو ما إذا كانت أسعار الغذاء العالية ستظل عاليةً. يراهن كثير من المستثمرين على أن ارتفاع المستويات المعيشية في البلدان الناشئة، وخاصة في الصين والهند ـــ اللتين يبلغ تعداد سكانهما معاً 2.5 مليار نسمة ـــ سوف يضغط في المدى الطويل بشكل صعودي على تكلفة الغذاء.


http://www.aleqt.com/a/494670_144853.jpgقبل نحو ثلاثة أعوام عندما تسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية في حدوث أعمال شغب في عدة بلدان فقيرة، نشر روبرت فيلدمان، وهو خبير اقتصادي في بنك مورغان ستانلي، مذكرة بعنوان ''اشتروا الدجاج''. وقال بما أن للدواجن معدل تحول غذائي أقل بكثير من الخنازير أو الأبقار، فإنها اقتصادية أكثر. وتوقع أنه مع ازدياد عدد الناس الذين يتناولون اللحم، فإن اقتصاد الدجاج سوف يتحدث (وربما يقرق) عن نفسه. وعلى نحو مشابه، نشر بنك نومورا في أيلول (سبتمبر) الماضي، تقريراً بعنوان ''الارتفاع المقبل في أسعار الغذاء''، بنى فيه استراتيجية استثمارية حول شركات إنتاج الأسمدة، وشركات صنع الآليات الزراعية وشركات شحن وفرز المواد الغذائية. إحدى الأجوبة الممكنة عن السؤال حول احتمال حدوث ارتفاع هيكلي في أسعار الغذاء هي: لنأمل ذلك. إن ارتفاع الأسعار من شأنه أن يعكس بصورة جزئية زيادة في الطلب، من الناس الذين يزيد عددهم على مليار شخص، ممن لا يزالون يعانون سوء التغذية. وكما يشير أمارتيا سين، الخبير الاقتصادي الهندي الحائز على جائزة نوبل، فإن عدداً كبيراً من الهنود ما زالوا يعانون سوء التغذية. وحسب بعض التقديرات، فإن ما لا يقل عن نصف الأطفال في البلد يعانون سوء التغذية. وإذا بدأ الـ 500 مليون هندي أو نحو ذلك الذين يعيشون في حالة من الفقر هذه الأيام بالأكل بشكل نصف لائق، فإن ذلك وحده سيكون له أثر كبير في الطلب على الغذاء. وبطبيعة الحال، كما قدر توماس مالثوس فإن ازدياد الطلب على الغذاء ليس سيئاً طالما جاراه العرض. وفي الفترة ما بين 1965 و1998، ارتفع عدد سكان العالم من 3.3 مليار نسمة إلى 5.9 مليار نسمة، لكن الأسعار الحقيقية للغذاء انخفضت بشكل فعلي. وفي الصين، رغم الموجات الدورية للتضخم الغذائي، تواكب إنتاج المزارع مع ارتفاع الطلب. ورغم حقيقة أن شعبها يستهلك مزيدا من السعرات ومزيدا من اللحوم التي تستهلك الحبوب بشدة، ظلت الصين مُصدّراً صافياً للغذاء، كما يقول جوناثان أندرسون، الخبير الاقتصادي في بنك يو بي إس. لقد أتت بعمل جيد على صعيد تحسين الغلة، من خلال تحسين وسائل الري واستخدام الأسمدة وإصلاح الأراضي لتشجيع إيجاد مزارع أكبر. ارتفع الإنتاج الزراعي بالرغم من حقيقة خسران بعض الأراضي الزراعية لصالح التمدن. وتعزى الزيادات التي طرأت على أسعار الغذاء العالمية هذه الأيام، إلى صدمة الإمداد التي تسببت فيها الحرائق التي اندلعت في روسيا والفيضانات في أستراليا، أكثر مما تعزى إلى زيادة مفاجئة في الطلب من جانب الصين أو غيرها من البلدان. لا تعد الأسعار العالية ضارة بالضرورة، إذ يمكنها أن تساعد من ناحية على تحويل الثروة من المدن الأكثر غنى إلى الريف الأكثر فقراً. ونظرياً، ينبغي أن تشجع الأسعار العالية أيضاً على الاستثمار في الزراعة والبنية التحتية ذات العلاقة بها، الأمر الذي يزيد الناتج. وخلافاً للمواد الهيدروكربونية، فإن الغذاء مورد متجدد. لكن الأراضي، والمياه والطاقة ـــ وكلها من متطلبات الزراعة ـــ محدودة ومتناهية. ورغم أنه يمكن سد النقص في المخزون السمكي، فإنه يمكن أن يستنزف. ويقول يويتشي فوناباشي، وهو خبير ياباني في السياسة الخارجية، إن سبب المصادمات الدبلوماسية التي وقعت في العام الماضي بين الصين واليابان حول الجزر المتنازع عليها، كان صراعاً على البروتين البحري. لكن العائق الأكبر على زيادة الإنتاج باستمرار قد يكون الطاقة التي كانت السبب المباشر في صدمة أسعار المواد الغذائية في عامي 2007 و2008، فكلما أصبحت الزراعة أكثر عصرية، زاد اعتمادها على المواد الهيدروكربونية على شكل سماد ووقود للجرارات ولوسائط النقل. وحسب تعبير الفيلسوف السياسي البريطاني جون جراي، فإن الزراعة المكثفة هي عبارة عن استخراج الغذاء من النفط. وهذا ما تؤيده دراسة حديثة طريفة، فقد وجد بحث أجراه خبيران اقتصاديان في صندوق النقد الدولي أن هناك علاقة وثيقة بين سعر النفط والعنب المصفى. وما يصح بالنسبة للنبيذ يصح بالنسبة للأرز، والقمح، والبطاطا والبصل، فإذا ما قدر لنمو الهند والصين أن يتسبب باستمرار في زيادة تكلفة الطاقة، فيمكن المراهنة بشكل مأمون على أنه سوف يكون له الأثر نفسه في تكلفة الغذاء.

المصدر : الاقتصادية - ديفيد بيلنغ