المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كيف تكسب ود الناس



الرائد7
May 29th, 2008, 12:19
السلام عليكم
الوسيلة الأولى: خدمة الناس وقضاء حوائجهم
جبلت النفوس على حب من أحسن إليها ، والميل إلى من يسعى في قضاء حاجاتها ؛ ولذلك قيل:

أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم=فطالما استعبد الإنسان إحسان
وأولى الناس بالكسب هم أهلك وأقرباؤك ؛ ولذلك قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم):"خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي". وعندما سئلت عائشة- رضي الله عنها- ما كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم): يفعل قالت " كان يكون في مهنة أهله، فإذا حضرت الصلاة يتوضأ ويخرج إلى الصلاة".
ومنا من لا يبالي بكسب قلوب أقرب الناس إليه كوالديه وزوجته وأقربائه فتجد قلوبهم مثخنة بالكره أو بالضغينة عليه لتقصيره في حقهم، وانشغاله عن أداء واجباته تجاههم. ومن أصناف الناس الذين نحتاج لكسبهم ولهم الأفضلية على غيرهم الجيران لقوله (صلى الله عليه وسلم ) "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره ". وأي إكرام أكبر من دعوتهم إلى الهدى والتقى ؛ بل قال عليه أفضل الصلاة والسلام-: " لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه أو قال لجاره ما يحب لنفسه" . ولذلك ينبغي أن نتحبب إلى الجار فنبدأه بالسلام ونعوده في المرض ، ونعزيه في المصيبة ، ونهنئه في الفرح ونصفح عن زلته ، ولا نتطلع إلى عورته، ونستر ما انكشف منها ، ونهتم بالإهداء إليه وزيارته ، وصنع المعروف معه، وعدم إيذائه.. وقد نفى الرسول (صلى الله عليه وسلم) الإيمان الكامل عن الذي يؤذي جاره فقال:" والله لا يؤمن ، والله لا يؤمن ، والله لا يؤمن ، قال قائل من هو يا رسول الله ؟ قال: الذي لا يأمن جاره بوائقه".
والبوائق هي الشرور والأذى .
ومن أصناف الناس الذين ينبغي أن نكسبهم إلى صف الدعوة- أخي الحبيب- من تقابلهم في العمل ممن هم بحاجة إليك.. فإذا كنت طبيباً فالمرضى ، وإذا كنت مدرساً فالطلاب ، وإذا كنت موظفاً فالمراجعون . فلا بد من كسب قلوبهم من خلال تقديمك لأقصى ما تستطيعه من جهد في خدمتهم و إنجاز معاملاتهم وعدم تأخيرها.. وكم منا من يسمع من يدعو على موظف لم يكلف نفسه في تأدية ما عليه من واجبات في عمله ويؤخر معاملات الناس . وعند الترمذي وأبي داود- بإسناد صحيح –عنه (صلى الله عليه وسلم)" من ولاه الله شيئا من أمور المسلمين فاحتجب دون حاجتهم وخلتهم وفقرهم احتجب الله دون حاجته وخلته وفقره يوم القيامة".
وبالجملة فإن الوظيفة مجال خصب لكسب قلوب الناس وتبليغهم دعوة الله .. و إنما خصصت هذه الأصناف الثلاثة من الناس بالذكر وهم الأهل أو الأقرباء والجيران ومن نلقاهم في وظائفنا لسببين هما: كثرة اللقاء بهم، والثاني كثرة التقصير أو الإهمال لحقوقهم مماله الأثر السلبي في تقبلهم لما ندعوهم إليه؛ إذن فالمسلم فضلا عن الداعية ينبغي أن يسع الناس كلهم بخلقه وتضحيته ولذلك وصفت خديجة الرسول( صلى الله عليه وسلم) فقالت :"إنك لتصل الرحم وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق".

أم مالك الأزدية
May 29th, 2008, 20:31
تبارك الله أجسن الخالقين
ما شاء الله عليك الرائد7
دائما ما تكون مواضيعك تلامس الواقع
ونحتاجها في الحياة
أجزل الله لك الأجر على هذا الطرح الموفق
ولعل أول ما يوضع في الميزان أخي الفاضل
حسن الخلق
الحمد لله على نعمة الإسلام هذا الدين العظيم

الرائد7
May 29th, 2008, 21:23
السلام عليكم
سعدت بمرورك أختنا الفاضلة ام مالك
وفقك الله لكل خير..

الرائد7
May 29th, 2008, 21:24
السلام عليكم
نواصل..
الوسيلة الثانية: الحلم وكظم الغيظ
يخطئ بعض الناس- أحياناً – في حقك.. يوعد فيخلف أو يتأخر أو يجرحك بلسانه فلا بد لكسبه من حلم وكظم للغيظ لأنك صاحب هدف وغاية تريد أن تصل إليها ؛ ولذا لابد من حسن تصرفك والله –عز و جل- يمتدح هذا الصنف من الدعاة فيقول : (والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين) آل عمران، الآية: 134 . وعن أنس – رضي الله عنه –قال : "كنت أمشي مع رسول الله وعليه برد غليظ الحاشية ، فأدركه أعرابي فجذبه جذبة شديدة حتى أزالت الرداء إلى صفحة عاتق رسول (الله صلى الله عليه وسلم) وقد أثرت بها حاشية الرداء من شدة جذبته ثم قال : يا محمد مر لي من مال الله الذي عندك .. فالتفت إليه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وضحك ، وأمر له بعطاء". وهذا الموقف من سيد الخلق –عليه أفضل الصلاة والسلام – لا يحتاج منا إلى تعليق سوى أن نقول : ما قاله الحق عز و جل في وصف نبيه(وإنك لعلى خلق عظيم)القلم، الآية: 4.

الوسيلة الثالثة: السماحة في المعاملة
يوجز الرسول( صلى الله عليه وسلم)أصول المعاملة التي يدخل فيها المسلم إلى قلوب الناس ويكسب ودهم وحبهم فيقول : "رحم الله رجلاً سمحاً إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى" وفي رواية "وإذا قضى" . فالسماحة في البيع : ألا يكون البائع شحيحاً بسلعته ، مغالياً في الربح ، فظاً في معاملة الناس .
والسماحة في الشراء أن يكون المشتري سهلا مع البائع فلا يكثر من المساومة ؛ بل يكون كريم النفس وبالأخص إذا كان المشتري غنيا والبائع فقيراً معدماً. والسماحة في الاقتضاء : أي عند طلب الرجل حقه أو دينه فانه يطلبه برفق ولين.. وربما تجاوز عن المعسر أو أنظره كما في حديث أبي هريرة مرفوعا :" كان رجل يداين الناس فإذا رأى معسرا قال لفتيانه تجاوزوا عنه لعل الله أن يتجاوز عنا فتجاوز الله عنه" والسماحة في القضاء : هو الوفاء بكل ما عليه من دين أو حقوق على أحسن وجه في الوقت الموعود وانظر كيف دخل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى قلب هذا الرجل الذي روى قصته الإمام البخاري في صحيحه عن أبى هريرة قال: ( أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فتقاضاه فأغلظ فهمّ به أصحابه فقال النبي صلى الله عليه وسلم دعوه فإن لصاحب الحق مقالاً ثم قال أعطوه سناً مثل سنه قالوا يا رسول الله لا نجد إلا أفضل من سنه فقال أعطوه فإن خيركم أحسنكم قضاء ) فقال الرجل ( أوفيتني أوفى الله بك ) .
ومن السماحة في المعاملة : عدم التشديد في محاسبة من قصر في حقك . فعن أنس قال (خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين والله ما قال لي : أف قط ولا قال لشيء فعلته لم فعلت كذا وهلا فعلت كذا )

الرائد7
May 31st, 2008, 13:43
السلام عليكم
الوسيلة الرابعة : المداراة
المداراة وليست المداهنة .. والمداراة هي لين الكلام والبشاشة وحسن العشرة لأناس عندهم شيء من الفجور والفسق لمصلحة شرعية . روى البخاري في صحيحه عن عائشة – رضي الله عنها : (( أن رجلا استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم فلما رآه قال بئس أخو العشيرة .. فلما جلس تطلق له وجه النبي صلى الله عليه وسلم وأنبسط إليه فلما انطلق الرجل قالت له عائشة يا رسول الله رأيت الرجل قلت كذا وكذا ثم تطلقت في وجهه وانبسطت إليه فقال الرسول صلى الله عليه وسلم يا عائشة متى عهدتني فاحشا ، إن شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة من تركه الناس اتقاء فحشه ) .
قال ابن حجر رحمه الله نقلا عن القرطبي ( وفي الحديث جواز غيبة المعلن بالفسق أو الفحش ونحو ذلك من الجور في الحكم والدعاء إلى البدعة مع جواز مداراتهم اتقاء شرهم ما لم يؤد ذلك إلى المداهنة في دين الله تعالى .. ثم قال – لا زال الكلام للقرطبي تبعا لعياض : والفرق بين المداراة والمداهنة أن المداراة بذل الدنيا لصلاح الدنيا أو الدين أو هما معا وهي مباحة وربما استحبت والمداهنة ترك الدين لصلاح الدنيا والعياذ بالله إذن فنحن بحاجة إلى كسب قلوب الفسقة أيضا بلين الكلام والقيام بحسن العشرة لهدايتهم إلى الصواب – أو على الأقل – لاتقاء شرهم )..
وبعض الفسقة اليوم أدوات بيد أهل العلمانية يجولون بهم ويصولون بسبب بعد أهل الخير عنهم أو عدم مداراتهم كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم


الوسيلة الخامسة :إدخال السرور على الآخرين
وهي من أهم الوسائل في تقوية الروابط وامتزاج القلوب وائتلافها .. كما إن إدخال السرور على المسلم يعد من أفضل القربات وأعظم الطاعات التي تقرب العبد إلى رب الأرض والسموات .. ولإدخال السرور إلى القلوب المسلمة طرق كثيرة و أبواب عديدة منها ما ورد في حديث ابن عمر :
( أحب الناس إلى الله أنفعهم وأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مؤمن !! ولكن كيف تدخله؟! قال : تكشف عنه كرباً أو تقضي عنه ديناً أو تطرد عنه جوعاً . ولئن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إلي من أن أعتكف شهراً في المسجد ومن كف غضبه ستر الله عورته ومن كظم غيظه ولو شاء الله أن يمضيه أمضاه ملأ الله في قلبه رجاء يوم القيامة ومن مشى مع أخيه المسلم في حاجة حتى يثبتها له ثبت الله قدمه يوم تزل فيه الأقدام ) وإن سوء الخلق ليفسد الأعمال فلا أقل من الابتسامة والبشاشة فابتسامتك بوجه من تلقاه من المسلمين لها أثر في كسب قلوبهم ؛ولذلك قال عليه الصلاة والسلام ( لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق ) والوجه الطلق هو الذي تظهر على محياه البشاشة والسرور .. قال عبد الله بن الحارث ( ما رأيت أحداً أكثر تبسماً من رسول الله صلى الله عليه وسلم) وقال جرير ( ما حجبني رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت ولا رآني إلا تبسم ) .
كما كان صلى الله عليه وسلم ينبسط مع الصغير والكبير يلاطفهم ويداعبهم وكان لا يقول إلا حقا وإليك هاتين الصورتين من صور مداعبته صلى الله عليه وسلم وكسبه لقلوب صحابته .
الأولى – مع كبار السن :
أخرج أحمد عن أنس – رضي الله عنه – ( أن رجلاً من أهل البادية كان اسمه زاهراً وكان رسول الله يحبه وكان دميماً (قبيحاً) فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يبيع متاعه فاحتضنه من خلفه ولا يبصره الرجل فقال : أرسلني .. من هذا ؟ فالتفت فعرف النبي صلى الله عليه وسلم فجعل يلصق ظهره بصدر النبي صلى الله عليه وسلم حين عرفه وجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول (من يشتري العبد ؟) فقال : يا رسول الله – إذن – والله تجدني كاسدا فقال رسول الله لكن عند الله لست بكاسد أو قال عند الله غال .
أما الصورة الثانية : فهي ملاطفته للأطفال وإدخال السرور عليهم .. فعند البخاري من حديث أنس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقاً وكان لي أخ فطيم يسمى أبا عمير لديه عصفور مريض سمه النغير فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلاطف الطفل الصغير ويقول ( يا أبا عمير ما فعل النغير ) .
وهكذا أخي الداعية ما ترك رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) سبيلاً إلى قلوب الناس إلا وسلكه ما لم يكن حراماً ، فإذا كان كذلك كان أبعد الناس عنه(صلى الله عليه وسلم).